للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدّليلَ على التّوحيد والمعرفة، ولا تسير إليه حتّى يقيم لك دليلًا على وجوده ووحدانيّته وقدرته ومشيئته؟ فأين هذا من درجة الفتوّة؟ وهل هذا إلّا خلاف الفتوّة من كلِّ وجهٍ؟

ولو أنّ رجلًا دعاك إلى داره، فقلت للرّسول: لا آتي معك حتّى تقيم لي الدّليلَ على وجود من أرسلك، وأنّه مُطاعٌ، وأنّه أهلٌ أن يُغشى بابه= لكنتَ في دعوى الفتوّة زنيمًا. فكيف بمن وجوده ووحدانيّته وقدرته (١) وربوبيّته وإلهيّته أظهر من كلِّ دليلٍ تطلبه؟ فما من دليلٍ تَستدلُّ به إلّا ووحدانيّة الله وكماله أظهر منه، فإقرار الفِطَر بالرّبِّ سبحانه خالق العالم: لم يُوقِفها عليه مُوقِفٌ، ولم تَحتَجْ فيه إلى نظرٍ واستدلالٍ، {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ} [إبراهيم: ١٠]. فأبعدُ النّاس من (٢) درجة الفتوّة طالب الدّليل على ذلك.

وليس يصحُّ في الأذهان شيءٌ ... إذا احتاج النهارُ إلى دليلِ (٣)

* * * *


(١) «قدرته» ليست في ش، د.
(٢) ل: «في».
(٣) البيت للمتنبي في «ديوانه» (٣/ ٢١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>