للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثّاني: تسمية الأوثان بها، كما كانوا يسمُّونها آلهةً. قال ابن عبّاسٍ ومجاهد - رضي الله عنهما -: عدلوا بأسماء الله تعالى عمّا هي عليه، فسمَّوا بها أوثانهم، فزادوا ونقصوا. فاشتقُّوا اللّات من الله، والعزَّى من العزيز، ومناة من المنّان (١). وروي عن ابن عبّاسٍ: {يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} [الأعراف: ١٨٠]: يكذبون عليه (٢). وهذا تفسير المعنى (٣).

وحقيقة الإلحاد فيها: العدولُ بها عن الصّواب فيها. وإدخالُ ما ليس من معانيها فيها وإخراجُ حقائق معانيها عنها= هذا قصدُ (٤) الإلحاد. ومن فعل ذلك فقد كذب على الله تعالى، ففسَّر ابن عبّاسٍ - رضي الله عنهما - الإلحادَ بالكذب، إذ هو غاية الملحد في أسمائه، فإنّه إذا أدخل في معانيها ما ليس منها، وأخرج عنها حقائقَها أو بعضَها، فقد عدل بها عن الصّواب والحقِّ، وهو حقيقة الإلحاد.

فالإلحاد إمّا بجحدها وإنكارها، وإمّا بجحد معانيها وتعطيلها، وإمّا بتحريفها عن الصّواب وإخراجِها عن الحقِّ بالتّأويلات الباطلة، وإمّا بجعلها أسماءً لهذه المخلوقات المصنوعات، كإلحاد أهل الاتِّحاد فإنّهم جعلوها أسماء هذا الكون: محمودِها ومذمومِها، حتّى قال زعيمهم: وهو المسمّى


(١) "التفسير البسيط" (٩/ ٤٨٢)، و"تفسير البغوي" (٣/ ٣٠٧).
(٢) راجع المصدرين المذكورين. وفيهما: "يكذِّبون". وقد رواه الطبري (١٠/ ٥٩٧) عن ابن عباس بلفظ: "الإلحاد: التكذيب".
(٣) ش: "بالمعنى".
(٤) ع: "حقيقة".

<<  <  ج: ص:  >  >>