للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: العظمة إزاري، والكبرياء ردائي". وهو الحكيم الذي له الحكم {فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ} [غافر: ١٢]. وأجمع المسلمون أنّه لو حلف بحياة الله وسمعه وبصره وقوّته وعزّته وعظمته انعقدت يمينه، وكانت مكفَّرةً، لأنّ هذه صفات كماله التي اشتقَّت منها أسماؤه.

وأيضًا لو لم تكن أسماؤه مشتملةً على معانٍ وصفاتٍ لم يسُغْ أن يُخبَر عنه بأفعالها. فلا يقال: يسمع، ويرى، ويعلم، ويقدر، ويريد؛ فإنّ ثبوت أحكام الصِّفات فرع ثبوتها، فإذا انتفت (١) أصل الصِّفة استحال ثبوت حكمها.

وأيضًا فلو لم تكن أسماؤه ذات معانٍ وأوصافٍ لكانت (٢) جامدةً كالأعلام المحضة، التي لم توضع لمسمّاها باعتبار معنًى قائم (٣) به، وكانت كلُّها سواء، ولم يكن فرقٌ بين مدلولاتها. وهذا مكابرةٌ صريحةٌ وبَهْتٌ بيِّنٌ، فإنَّ مَن جعل معنى اسم "القدير" هو معنى اسم "السّميع البصير"، ومعنى اسم "التّوّاب" هو معنى اسم "المنتقم"، ومعنى "المعطي" هو معنى اسم "المانع"= فقد كابر العقل واللُّغة والفطرة.

فنفيُ معاني أسمائه من أعظم الإلحاد فيها (٤). والإلحاد فيها أنواعٌ هذا أحدها.


(١) أنَّث الفعل باعتبار المضاف إليه.
(٢) ش: "كانت".
(٣) ع: "قام".
(٤) وانظر: "شفاء العليل" (ص ٢٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>