للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جيوش المسلمين تُكْسَر، وأنّ دمشق لا يكون بها قتلٌ عامٌّ ولا سبيٌ عامٌّ، وأنّ كَلَب الجيش وحدّته في الأموال. هذا قبل أن يَهُمَّ التّتار بالحركة.

ثمّ أخبر النّاسَ والأمراءَ سنة اثنتين وسبعمائةٍ لمّا تحرّك التّتار وقصدوا الشّام: أنّ الدّائرة عليهم والهزيمة، والظّفر والنّصر للمسلمين. وأقسم على ذلك أكثر من سبعين يمينًا. فيقال له: قل إن شاء الله. فيقول: إن شاء الله تحقيقًا لا تعليقًا (١). سمعته يقول ذلك. قال: فلمّا أكثروا عليَّ قلت: لا تُكثروا، كتب الله تعالى في اللّوح المحفوظ أنّهم مهزومون في هذه الكرّة، وأنّ النّصر لجيوش الإسلام. قال: وأطعمتُ بعضَ الأمراء والعسكر حلاوةَ النّصر قبل خروجهم إلى لقاء العدوِّ.

وكانت فراساته الجزئيّة في خلال هاتين الوقعتين مثل المطر.

ولمّا طُلِب إلى الدِّيار المصريّة وأُريد قتله ــ بعد أن أُنضِجت له القدور، وقُلِّبت له الأمور ــ اجتمع (٢) أصحابه لوداعه، وقالوا: قد تواترت الكتب بأنّ القوم عاملون على قتلك. فقال: والله لا يَصِلُون إلى ذلك أبدًا. قالوا: فتُحْبَس؟ قال: نعم، ويطول حبسي، ثمّ أَخرُج وأتكلَّمُ بالسُّنّة على رؤوس المنابر. سمعته يقول ذلك.

ولمّا تولّى عدوُّه الملقّب بالمظفَّر الجاشَنْكير الملك أخبروه بذلك، وقالوا: الآن بلغ مراده منك. فسجد لله شكرًا وأطال. فقيل له: ما سببُ هذه


(١) انظر: «البداية والنهاية» (١٨/ ٢٣، ٢٧)، و «الجامع لسيرة شيخ الإسلام» (ص ٣٢٣، ٣٣٥، ٤١٦).
(٢) ل: «اجمع».

<<  <  ج: ص:  >  >>