للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

قال (١): (الدّرجة الثّالثة: همّةٌ تتصاعد عن الأحوال والمعاملات، وتُزرِي بالأعواض والدّرجات، وتَنحو عن النُّعوت نحو الذّات).

أي هذه الهمّة أعلى من أن يتعلَّق صاحبها بالأحوال التي هي آثار الأعمال والواردات، أو يتعلّق بالمعاملات. وليس المراد تعطيلَها، بل القيام بها مع عدم الالتفات إليها والتّعلُّق بها.

ووجهُ صعود هذه الهمّة عن هذا ما ذكره من قوله: (تُزْرِي بالأعواض والدّرجات، وتنحو عن (٢) النُّعوت إلى الذّات)، أي صاحبها لا يقف عند عوضٍ ولا درجةٍ، فإنّ ذلك نزولٌ من همّتِه، ومطلبُه أعلى من ذلك. فإنّ صاحب هذه الهمّة قد قصر (٣) همّته على المطلب الأعلى، الذي لا شيء أعلى منه، والأعواض والدّرجات دونه، وهو يعلم أنّه إذا حصل له فهناك كلُّ عوضٍ ودرجةٍ عاليةٍ.

وأمّا نَحْوُها نحوَ الذّات، فيريد به: أنّ صاحبها لا يقتصر على شهود الأفعال ولا الأسماء والصِّفات، بل الذّات الجامعة لمتفرِّقات الأسماء والصِّفات والأفعال، كما تقدّم. والله أعلم.

* * * *


(١) «المنازل» (ص ٧٠).
(٢) ل: «من».
(٣) ل: «قصرت».

<<  <  ج: ص:  >  >>