للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هم (١) أهلُ الأسماع والأبصار على الحقيقة، ومَن سواهم هم الصُّمُّ البُكْم الذين لا يعقلون.

الحادي والعشرون: ميلُك إلى الشّيء بكلِّيّتك، ثمّ إيثارُك له على نفسك وروحِك ومالِك، ثمّ موافقتُك له سِرًّا وجهرًا، ثمّ علمُك بتقصيرِك في حُبِّه (٢).

قال الجنيد: سمعت الحارثَ المُحاسبيّ رحمهما الله يقول ذلك.

الثّاني والعشرون: المحبّة نارٌ في القلب تُحرِق ما سوى مراد المحبوب (٣).

سمعتُ شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - يقول: لُمْتُ بعضَ المباحيَّة (٤)، فقال لي ذلك، ثمّ قال: والكونُ كلُّه مراده، فأيّ شيءٍ أبغضُ منه؟ قال الشّيخ: فقلت له: إذا كان المحبوب قد أبغضَ أفعالًا وأقوالًا وأقوامًا وعاداهم وطَردَهم ولَعنَهم فأحببتَهم أنتَ= كنتَ مواليًا للمحبوب أو معاديًا له؟ قال: فكأنّما أُلقِمَ حَجرًا (٥)، وافتضَحَ بين أصحابه. وكان مقدّمًا فيهم مشارًا إليه.

وهذا الحدُّ صحيحٌ. وقائله إنّما أراد: أنّها تُحرِق من القلب ما سوى مراد المحبوب الدِّينيِّ الأمريِّ الذي يُحِبُّه ويرضاه، لا المراد الذي قدَّره وقضاه.


(١) «هم» ليست في ل.
(٢) رواه القشيري في «الرسالة القشيرية» (ص ٦٥٦)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (٤٧٧). وذكره المؤلف في «روضة المحبين» (ص ٥٥٢).
(٣) «الرسالة القشيرية» (ص ٦٥٦).
(٤) يقصد بهم القائلين بوحدة الوجود، المحتجين بالإرادة الكونية على الإباحة.
(٥) نقله المؤلف عن شيخه في «طريق الهجرتين» (١/ ١٨٤، ٢/ ٦٥٨) و «شفاء العليل» (ص ١٩). وانظر: «مجموع الفتاوى» (١٠/ ٢١٠، ٤٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>