للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حياته: معنى حياة ربِّه، وبواسطة علمه وقدرته وإرادته وسمعه وبصره وكلامه وغضبه ورضاه: معنى علم ربِّه وقدرته وإرادته وسمعه وبصره وكلامه وغضبه ورضاه. ولولا هذه الصِّفات فيه لما عرفها من ربِّه.

وهذا أحد التّأويلات في الأثر الإسرائيليِّ: اعرِفْ نفسَك تَعرِفْ ربَّك (١).

وهذه الصِّفات في الحقيقة أثرُ الصِّفات الإلهيّة فيه، فإنّها أثر أفعال الحقِّ، وأفعالُه موجَب صفاتِه وأسمائه. فإذًا عاد الأمر كلُّه إلى أفعاله، وعادت أفعاله إلى صفاته.

ففي هذه المنزلة يمحو العبد شهودَ صفاته ووجودها الذي ليس بحقيقيٍّ، [ويُثبِت] (٢) شهودَ صفات المعبود ووجودها الحقيقيِّ. فالله سبحانه منحَ عبدَه هذه الصِّفات ليعرفَه بها، ويستدلَّ بها عليه. فإن لم يفعلها (٣) عطَّلَ عليه طريقَ المعرفة والاستدلال بها، فصارت بمنزلة العدم. ولهذا يُوصف الغافل عن الله بالصَّمَم والبَكَم والعمى والموت وعدم العقل.

الثّالث: محو الذّات. وهو شهود تفرُّد الحقِّ تعالى بالوجود أزلًا وأبدًا، وأنّه الأوّل الذي ليس قبله شيءٌ، والآخر الذي ليس بعده شيءٌ، ووجود كلِّ ما سواه قائمٌ به وأثرُ صنعِه، فوجوده هو الوجود الواجب الحقُّ، الثّابت بنفسه (٤) أزلًا وأبدًا، وأنّه المنفرِد بذلك.


(١) تقدم تخريجه (٢/ ٤٦) والكلام على هذه التأويلات.
(٢) ليست في ش، د، ل. وبها يستقيم المعنى.
(٣) ل: «يعقلها».
(٤) ل: «لنفسه».

<<  <  ج: ص:  >  >>