للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمّا أصحاب الوقت: فلم يشتغلوا بالفكر في السوابق ولا في العواقب، بل اشتغلوا بمراعاة الوقت وما يلزمهم من أحكامه، وقالوا: العارفُ ابنُ وقته، والفقير لا ماضٍ له ولا مستقبل (١).

ورأى بعضهم الصِّدِّيق في منامه، فقال له: أَوصِني، فقال: كن ابنَ وقتِك (٢).

وأمّا أصحاب الحقِّ: فهم مع صاحب الوقت والزّمان ومالِكهما ومدبِّرِهما، مأخوذون بشهوده عن مشاهدة الأوقات، لا يتفرّغون لمراعاة وقتٍ وزمانٍ. كما قيل (٣):

لستُ أدريْ أطالَ ليليَ أم لا ... كيف يدري بذاك مَن يتقلَّى

لو تفرّغتُ لاستطالةِ ليلِيْ ... ولرَعْيِ النُّجوم كنتُ مُخلَّى

إنَّ للعاشقين عن قِصَر اللّيـ ... لِ وعن طُولِه من العشق شُغْلَا

قال الجنيد: دخلت على السَّريِّ يومًا، فقلت: كيف أصبحتَ؟ فأنشأ يقول:


(١) انظر: «الرسالة القشيرية» (ص ٢٣٢).
(٢) لم أجده.
(٣) الأبيات لخالد الكاتب في «ديوانه» (ص ٥٢٥)، و «ديوان المعاني» (١/ ٣٥٠)، و «المقابسات» (ص ٢٩٨). ونُسِبت خطأ لأبي نواس في «العمدة» (٢/ ٢٤٣)، ولابن المعتز في «المدهش» (ص ٢٢٢)، ولأبي هلال في «معجم الأدباء» (٢/ ٩٢٠). وهي بلا نسبة في «الموشى» (ص ٢٢٦)، و «طبقات الصوفية» للسلمي (ص ٣٥٠)، و «صفة الصفوة» (٢/ ٤٦٣) وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>