للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باعثًا على محبّة صاحب الفضل والشّوق إلى لقائه، فإنّ النُّفوس مجبولةٌ على حبِّ من أحسنَ إليها.

ودخلتُ يومًا على بعض أصحابنا وقد حصلَ له وجدٌ أبكاه، فسألتُه عنه؟ فقال: ذكرتُ ما منَّ الله به عليّ من السُّنّة ومعرفتها، والتّخلُّص من شُبَه القوم وقواعدهم الباطلة، وموافقة العقل الصّريح والفطرة السّليمة لما جاء به الرّسول. فسرَّني ذلك حتّى أبكاني.

فهذا الوجد أثاره إيناس فضل الله ومنّه.

قوله: (جذَبَه صفاءُ رجاءٍ)، أي جذب ذلك الوجدَ ــ أو الإيناسَ، أو الفضلَ ــ رجاءٌ صافٍ غيرُ مكدَّرٍ. والرّجاء الصّافي هو الذي لا يشوبُه كدَرٌ يُوهِم معاوضةً منك، وأنّ عملك هو الذي بعثَك على الرّجاء. فصفاء الرّجاء يُخلِّصُه (١) من ذلك، بل يكون رجاءً محضًا لمن هو مبتدئٌ بالنِّعم من غير استحقاق. والفضل كلُّه له ومنه، وفي يده أسبابه وغاياته، ووسائله وشروطه، وصرفُ موانعِه، كلٌّ بيد الله، لا يستطيع العبد أن ينال منه شيئًا بدون توفيقه وإذنه ومشيئته.

وملخَّص (٢) ذلك: أنّ الوقت في هذه الدّرجة الأولى: عبارةٌ عن وجدٍ صادقٍ، سببُه رؤية فضل الله على عبده، لأنّ رجاءه كان صافيًا من الأكدار.

قوله: (أو لعصمةٍ جذَبَها صدقُ خوفٍ)، اللّام في قوله «أو لعصمةٍ» معطوفة على اللّام في قوله: «لإيناسِ ضياءِ فضلٍ»، أي وجدٍ لعصمةٍ جذَبَها


(١) ر: «يخرجه».
(٢) ت: «وتلخيص». ر: «ويلخص».

<<  <  ج: ص:  >  >>