للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوجب الانقياد لأحكام المعرفة، والرّاحة (١) من أحكام العلم. وقد قيل: إنّ العالم يُسْعِطك الخلَّ والخردل، والعارف يُنْشقك المسكَ والعنبر».

قال: «ومعنى هذا أنّك مع العالِم في تعبٍ، ومع العارف في راحةٍ، لأنّ العارفَ يبسطُ عُذرَ العوالم والخلائق، والعالم يلوم. وقد قيل: مَن نظَرَ إلى النّاس بعين العلم مقَتَهم، ومن نظرَهم (٢) بعين الحقيقة عذَرَهم».

فانظر ما تضمّنه هذا الكلام ــ الذي ملمسه ناعمٌ، وسُمُّه (٣) قاتلٌ ــ مِن الانحلال عن الدِّين، والرّاحة (٤) من أحكام العبوديّة، وعذر (٥) اليهود والنّصارى، وعبّاد الأوثان والظّلَمة والفَجَرة، وأنّ أحكام الأمر والنّهي ــ الواردَين على ألسنة الرُّسل ــ للقلوب بمنزلة مَن يُسعَط (٦) الخلَّ والخردل، وأنّ شهود الحقيقة الكونيّة الشّاملة للخلائق، والوقوف معها، والانقياد لحكمها: بمنزلة تنشيق المسك والعنبر.

فلْيَهْن الكفّارَ والفجّار والفسّاق انتشاق هذا المسك والعنبر، إذا شهدوا هذه الحقيقة وانقادوا لحكمها. ويا رحمةَ الأبرار المُحكِّمين لما جاء به الرّسولُ مِن كثرة سُعوطهم بالخلِّ والخردل!

فإنّ قوله: هذا يجوز وهذا لا يجوز، وهذا حلالٌ وهذا حرامٌ، وهذا


(١) ط زيادة: «والتخلص»، وت: «والراحة والمعرفة».
(٢) ر: «نظر»، ط: «نظر إليهم».
(٣) ط زيادة: «زعاف».
(٤) زاد في ط: «ودعوى الراحة».
(٥) ش، د: «عذر»، وط بزيادة وتغيير: «والتماس الأعذار لليهود».
(٦) ت، ر، ط: «سعط».

<<  <  ج: ص:  >  >>