للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُرضي الله وهذا يُسخط الله= خلٌّ وخردلٌ عند هؤلاء الملاحدة. وإلّا فالحقيقة تُشْهِدُك الأمرَ بخلاف ذلك، ولذلك إذا نظرتَ عندهم إلى العالَم بعين الحقيقة عذرتَ الجميع، فتعذر مَن لامَه الله ورسولُه أعظم الملامة (١).

ويا لله العجب! إذا كانوا معذورين في الحقيقة، فكيف يعذِّب الله سبحانه المعذورَ ويذيقه أشدّ العذاب؟ وهلّا (٢) كان الغنيُّ الرّحيم أولى بعذره من هؤلاء؟

نعم، العالم يلومُ بأمر الله، والعارف (٣) يرحم بقدَر الله، ولا يتنافى عنده اللّوم والرّحمة. ومِن رحمته: عقوبة مَن أمَر الله بعقوبته، فذلك رحمةٌ له وللأمّة، وتركُ عقوبته زيادةٌ في أذاه وأذى غيره.

وأنتَ مع العالم في تعبٍ يُعْقِبُ كلّ الرّاحة، ومع عارف هؤلاء في راحةٍ تعقب كلّ تعبٍ وألمٍ (٤)، كما ذكر الإمام أحمد في «كتاب الزُّهد» (٥) له: أنّ


(١) العبارة في ط باختلاف وزيادة: «عندهم إلى الخلق ... من توعّده الله ورسولُه أعظم الوعيد، وتهدّدَه أعظم التّهديد».
(٢) ش، د: «وهذا»! والمثبت من ر، ت.
(٣) ط: «العلم الناصح .. والعارف الصادق».
(٤) العبارة في ط بزيادات ميزتها باللون الداكن: «ومع عارفِ هؤلاء الملاحدة في راحة وهمية تعقب كل تعب وخيبة وألم».
(٥) ليس في المطبوع من الزهد بهذا اللفظ، وعزاه السيوطي في «الدر المنثور»: (٣/ ٥٦٢) لأحمد: عن وهب قال: قال عيسى للحواريين: بقدر ما تنصبون ههنا تستريحون ههنا [كذا ولعلها هنالك] وبقدر ما تستريحون ههنا تنصبون ههنا [كذا ولعلها هنالك].
وأخرج أحمد في «الزهد» (ص ٩٤) من طريق عبد الله بن دينار البهراني قال: قال عيسى ابن مريم عليه السلام للحواريين: عليكم بخبز الشعير واخرجوا من الدنيا سالمين آمنين، بحقٍّ أقول لكم: إن حلاوة الدنيا مرارة الآخرة، وإن مرارة في الدنيا حلاوة في الآخرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>