للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العادة. ويتّفق تجرُّدُ الرُّوح، فتَشَكَّلُ (١) تلك المعاني للقوّة السّامعة بشكل الأصوات المسموعة، وللقوّة الباصرة بشكل الأشخاص المرئيّة. فيرى (٢) صورها، ويسمع الخطاب، وكلُّه في نفسه، ليس في الخارج منه شيءٌ. ويحلف أنّه رأى وسمع؛ وصدَق، لكن رأى وسمع في الخارج، أو في نفسه؟ ويتّفق ضعفُ التّمييز، وقلّةُ العلم، واستيلاءُ تلك المعاني على الرُّوح، وتجرُّدُها عن الشّواغل.

فهذه الوجوه الثّلاثة هي وجوه الخطاب، فلا يُسمَعُ غيرها, فإنّما هو (٣) غرورٌ وخدعٌ وتلبيسٌ. وهذا الموضع مقطع القوم (٤)، وهو من أجلِّ المواضع لمن حقَّقه وفَهِمَه. والله الموفِّق للصّواب.

فصل

قال (٥): "الدرجة الثانية: إلهامٌ يقع عيانًا. وعلامة صحّته أنّه لا يخرِق سِترًا، ولا يجاوز حدًّا، ولا يخطئ أبدًا".

الفرق بين هذا وبين الإلهام في الدّرجة الأولى: أنّ ذلك علمٌ شبيهٌ بالضّروريِّ الذي لا يمكن دفعه عن القلب، وهذا معاينةٌ ومكاشفةٌ. فهو (٦)


(١) ش: "فتُشَكِّل".
(٢) ما عدا ع: "فترى". و"يسمع" فيما يأتي بإهمال أوله في ع، وفي غيرها: "تسمع".
(٣) ع: "تسمع ... هي".
(٤) أثبت الفقي: "مقطع القول"، وما ورد في النسخ صواب. انظر: (٢/ ٤٨٣).
(٥) "المنازل" (ص ٦٦). وفي هامش الأصل بإزاء هذا السطر: "بلغ قراءة ومقابلة على مصنفه فسح الله في مدَّته"، وهذا أول موضع ورد فيه البلاغ المذكور.
(٦) ما عدا ع: "وهو".

<<  <  ج: ص:  >  >>