للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوقه في الدّرجة، وأتمُّ منه ظهورًا، ونسبتُه إلى القلب نسبةُ المرئيِّ إلى العين. وذكر له ثلاث علاماتٍ:

أحدها (١): أنّه لا يخرق سترًا، لأنَّ صاحبه إذا كُوشِفَ بحال غيره المستور عنه لا يخرق سِترَه ويكشفه، خيرًا كان أو شرًّا؛ أو أنّه لا يخرق ما ستره الله تعالى من نفسه عن النّاس، بل يستُر نفسَه ويستُر من كوشف بحاله.

الثانية: أنّه لا يجاوز حدًّا، يحتمل وجهين: أحدهما: أنّه لا يتجاوز به إلى ارتكاب المعاصي وتجاوز حدود الله تعالى، مثل كشف الكهّان والكشف الشّيطانيِّ. الثّاني: أنّه لا يقع على خلاف الحدود الشّرعيّة، مثل أن يتجسَّس به العوراتِ التي نهى الله عن التّجسُّس عليها وتتبُّعها. فإذا تتبَّعها ووقع عليها بهذا الكشف، فهو شيطانيٌّ لا رحمانيٌّ.

الثالثة: أنّه لا يخطئ أبدًا، بخلاف الشّيطانيِّ فإنّ خطأه كثيرٌ، كما قال النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لابن صائدٍ: "ما ترى؟ ". قال: أرى صادقًا وكاذبًا. فقال: "لُبِّس (٢) عليك" (٣). فالكشف الشّيطانيُّ لا بدّ أن يكذب، ولا يستمرُّ صدقُه البتّة (٤).

فصل

قال (٥): (الدرجة الثالثة: إلهامٌ يجلو عينَ التّحقيق صرفًا، وينطق عن


(١) كذا في الأصل وغيره بدلًا من "إحداها"، ومثله شائع في كتب المصنف.
(٢) الضبط من ل، ع، ش.
(٣) أخرجه البخاري (١٣٥٤) ومسلم (٢٩٣٠) عن ابن عمر - رضي الله عنهما - بنحوه.
(٤) بعده في ع: "والله أعلم".
(٥) "المنازل" (ص ٦٦). وفيه: "عن الإشارة"، والمؤلف صادر عن "شرح التلمساني" (٢/ ٣٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>