للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأمرٍ وهم لغيره، ونادوا على شأنٍ وهم على غيره، فهم (١) بين غيرةٍ عليهم تستُرهم، وأدبٍ فيهم يصونهم، وظَرفٍ يهذِّبهم).

أهلُ هذه الطبقة استسرُّوا اختيارًا وإرادةً لذلك، صيانةً لأحوالهم، وكمالًا في تمكُّنهم، فمقاماتهم عاليةٌ لا ترمقها العيون ولا تخالجها (٢) الظُّنون، يشيرون (٣) إلى ما يعرفه المخاطَب من مقامات المريدين السّالكين، وبدايات السُّلوك، ويخفون ما مكّنهم فيه الحقُّ تعالى من أحوال المحبّة ومواجيدها، وآثار المعرفة وتوحيدها. فهذه هي التّورية التي ذكرها.

فكأنّهم يُظهرون للمخاطَب أنَّهم من أهل البدايات، وهم في أعلى المقامات، يتكلّمون معهم في البداية والإرادة والسُّلوك، ومقامهم فوق ذلك، وهم محقُّون في الحالين (٤)، لكنّهم يسترون أشرف أحوالهم ومقاماتهم عن النّاس.

وبالجملة: فهم مع النّاس بظواهرهم، يخاطبونهم على قدر عقولهم، ولا يخاطبونهم بما لا تصل إليه عقولهم، فيُنْكَر (٥) عليهم، فيحسبهم المخاطَب مثله، فالنّاس عندهم وليسوا هم عند أحدٍ.


(١) ليست في «المنازل».
(٢) ر، ط: «تخالطها».
(٣) ش، ر: «يسيرون».
(٤) ت، ر، ط: «الحالتين».
(٥) ط: «فينكرون».

<<  <  ج: ص:  >  >>