للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متعلِّقٌ بالعلم، إن تنَفّس تنَفّس بالأسف (١)، وإن نطق نطق بالحزن (٢)، وعندي هو متولِّدٌ من وحشة الاستتار، وهي الظُّلمة التي قالوا: إنّها مقامٌ).

قوله: (نفَسٌ في حين استتارٍ) أي: يكون له حالٌ صادقٌ وكشفٌ صحيحٌ، فيستتر عنه بحكم الطّبيعة والبشريّة ولا بدّ، فيضيق بذلك صدرُه، ويمتلئ كظمًا بحجب ما كان فيه واستتاره عنه لأسبابٍ فاعليّةٍ وغائيّةٍ، سَتَرِدُ عليك إن شاء الله، فإذا تنفّس في هذه الحال فتنفُّسه تنفُّس الحزين المكروب.

قوله: (مملوء من الكظم) الكظم: هو الإمساك، ومنه: كظَم غيظَه، إذا تجرّعه وحبَسه ولم يخرجه.

قوله: (متعلِّقٌ بالعلم) يريد: أنّ ذلك النّفَس متعلِّقٌ بأحكام العلم الظّاهر لا بأحكام الحال، وذلك هو البلاء الذي تقدّم ذِكْر الشّيخ له (٣)، وهو بلاء العبد بين الاستجابة لداعي العلم وداعي الحال.

وإنّما كان ذلك نفَسَ مكظومٍ بخلوِّه (٤) في هذه الحال من أحكام المحبّة التي تهوِّن الشّدائد، وتسهِّل الصّعب، وتحمل الكلّ، وتُعين على نوائب الحقِّ، وتعلُّقه بالعلم الذي هو داعي التّفرُّق، فإنّ كرْبَ المحبّة ممزوجٌ بالحلاوة، فإذا خلا من أحكامها إلى أحكام العلم فقدَ تلك الحلاوة، واشتاق


(١) في «المنازل»: «وإن تنفس تنفّس نفس المتأسّف»، والمثبت موافق لـ «شرح التلمساني» (ص ٤٨١).
(٢) في «المنازل»: «بالحرب». وفي بعض نسخه كما هو مثبت. وعليه شرح المؤلف كما سيأتي.
(٣) من ت، ر. وينظر «منازل السائرين» (ص ٨٥ - ٨٦).
(٤) ت، ر، ط: «لخلوّه».

<<  <  ج: ص:  >  >>