للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى ذلك الكرب، كما قيل (١):

تشكّى (٢) المحبُّون الصّبابةَ ليتني ... تحمّلت ما يلقون من بينهم وحدي

فكانت لقلبي لذّةُ الحبِّ كلُّها ... فلم يلْقَها قبلي محبٌّ ولا بعدي

قوله: (إن تنفّس تنفّس بالأسف). الأسف: الحزن، كقوله تعالى عن يعقوب: {يَاأَسَفَا عَلَى يُوسُفَ} [يوسف: ٨٤]، والأسف: الغضب، كما في قوله تعالى: {فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ} [الزخرف: ٥٥] وهو في هذا الموضع: الحزن على ما توارى عنه من مطلوبه أو مِن صِدْق حاله.

قوله: (أو (٣) نطَقَ نطَقَ بالحزن) يعني: أنّ هذا المتنفِّس إن نطق نطق بما يدلُّ على الحزن على ما توارى عنه، فمصدر تنفُّسه ونُطْقه حزنُه على ما حُجِب عنه.

قوله: (وعندي: أنّه يتولّد من وَحْشة الاستتار) يريد: أنّ هذا الأسف وإن أضيف إلى الاستتار والحجاب فتولُّده: إنّما هو من الوحشة التي سببها الاستتار والحَجْب؛ وكأنّ الاستتار عنده سبب السّبب فيتولّد الأسف (٤) من تلك الوحشة المتولِّدة من الاستتار، وهذا صحيحٌ؛ فإنّه لمّا كان مطلوبه


(١) البيتان في «ديوان الحماسة»: (٢/ ٣٠)، وهما في «ديوان مجنون ليلى» (ص ٩٢). وذكرهما المؤلف في «الداء والدواء» (ص ٤٢٧)، و «روضة المحبين» (ص ٤٠، ٢٤٨).
(٢) ش، د: «ويشكو» تحريف، ر: بدون الواو. والمثبت من ت والمصادر.
(٣) ر، ط: «وإن» وتقدم نقل المؤلف عن «المنازل» كذلك.
(٤) قوله: «والحجب ... » إلى هنا مكانه في ر، ط بعد قول صاحب «المنازل»: «وحشة الاستتار».

<<  <  ج: ص:  >  >>