للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من سبعين جزءًا". وقد قيل في الجمع بينهما (١): إن ذلك بحسب حال الرّائي، فإنّ رؤيا الصِّدِّيقين من ستّةٍ وأربعين، ورؤيا عموم المؤمنين الصادقين من سبعين. والله أعلم.

والرُّؤيا مبدأ الوحي، وصدقها بحسب صدق الرّائي، وأصدق النّاس رؤيا أصدقهم حديثًا. وهي عند اقتراب الزّمان لا تكاد تخطئ، كما قال النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - (٢). وذلك لبعد العهد بالنُّبوّة وآثارها، فيعوَّض المؤمنون بالرُّؤيا. وأمّا في زمن قوّة نور النُّبوّة، ففي ظهور نورها وقوّته ما يُغني عن الرُّؤيا. ونظير هذا: الكرامات التي ظهرت بعد عصر الصّحابة - رضي الله عنهم -، ولم تظهر عليهم لاستغنائهم عنها بقوّة إيمانهم، واحتياجِ مَن بعدهم إليها لضعف إيمانهم. وقد نصَّ أحمد - رضي الله عنه - على هذا المعنى.

قال (٣) عبادة بن الصّامت - رضي الله عنه -: رؤيا المؤمن كلامٌ يكلِّم به الرَّبُّ عبدَه في المنام (٤).


(١) هذا الجمع قال به أبو جعفر الطبري في "تهذيب الآثار"، ذكره ابن بطال (٩/ ٥١٥ - ٥١٦).
(٢) انظر حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في "صحيح البخاري" (٧٠١٧) و"صحيح مسلم" (٢٢٦٣).
(٣) ع: "وقال".
(٤) لم أجده موقوفًا، وقد أخرجه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" (٤٩٤) وابن أبي عاصم في "السنة" (٤٩٦) والدولابي في "الكنى والأسماء" (٢/ ٨٧٣ - نشرة الفاريابي) والطبراني ــ ومن طريقه الضياء في "المختارة" (٨/ ٢٧٥) ــ، من طريقين عن عثمان بن سعيد بن كثير، عن محمد بن مهاجر، عن جنيد بن ميمون، عن حمزة بن الزبير، عن عُبادة مرفوعًا. وإسناده ضعيف، جنيد بن ميمون مجهول كما قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٧/ ٣٦٢) والألباني في "ظلال الجنة" (١/ ٢١٣)، وحمزة بن عبد الله بن الزبير لم يوثقه غير ابن حبان. وانظر: "الفتح" (١٢/ ٣٥٤).
وله طريق آخر عند ابن أبي عاصم (٤٩٧) عن عُبادة مرفوعًا. وفي إسناده حميد بن عبد الرحمن، لم يوثقه غير ابن حبان. وانظر: "ظلال الجنة" (١/ ٢١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>