للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه الغربة لا وحشة على صاحبها، بل هو آنس ما يكون إذا استوحش النّاس، وأشدُّ ما يكون وحشةً إذا استأنسوا، فوليُّه الله ورسوله والّذين آمنوا، وإن عاداه أكثرُ النّاس وجفوه.

وفي حديث القاسم، عن أبي أمامة، عن النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال (١): «إنَّ أغبَطَ أوليائي عندي لمؤمنٌ خفيف الحاذِ ذو حظٍّ من صلاة، أحسنَ عبادةَ ربِّه، وكان رزقه كفافًا، وكان مع ذلك غامضًا في النّاس، لا يُشار إليه بالأصابع، وصبَر على ذلك حتّى لقي الله، ثمّ حلّت منيّته، وقلَّ (٢) تراثُه، وقلَّت بواكيه» (٣).

ومن هؤلاء الغرباء: مَا (٤) ذَكرَهم أنسٌ في حديثه عن النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «ربّ أشعث أغبر، ذي طمرين لا يؤبه له، لو أقسم على الله لأبرّه» (٥).

وفي حديث أبي إدريس الخولانيِّ، عن معاذ بن جبلٍ، عن النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «ألا أخبركم عن ملوك أهل الجنّة؟» قالوا: بلى يا رسول الله. قال: «كلُّ


(١) زاد في ط: «عن الله تعالى».
(٢) ت: «ثم دنت منيته»، د: «ثم قل تراثه».
(٣) أخرجه ابن المبارك في «الزهد- زوائد نعيم» (١٩٦)، وأحمد في «مسنده» (٢٢١٦٧) و «الزهد» (ص ١١)، والترمذي (٢٣٤٧)، والطبراني في الكبير (٧٨٢٩)، والحاكم: (٤/ ١٢٣) وغيرهم من طرق عن عبيد الله بن زحر عن علي بن زيد عن القاسم به. وإسناده ضعيف جدا مسلسل بالضعفاء، وله طرق أخرى ضعيفة أيضا، ينظر حاشية «المسند» (٣٦/ ٤٩٩).
(٤) د: «غرباء»، وش: «من» بدل ما.
(٥) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>