للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعشيرته.

وكان المستجيبون لدعوة الإسلام نزّاعًا من القبائل، آحادًا (١) منهم تفرّقوا (٢) عن قبائلهم وعشائرهم، ودخلوا في الإسلام، فكانوا هم الغرباء حقًّا، حتّى ظهر الإسلام وانتشرت دعوته ودخل النّاسُ فيه (٣) أفواجًا، فزالت تلك الغُربةُ عنهم، ثمّ أخذ في الاغتراب والتّرحُّل، حتّى عاد غريبًا كما بدأ، بل الإسلام الحقُّ الذي كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه هو اليوم أشدُّ غربةً منه في أوّل ظهوره، وإن كانت أعلامُه ورسومُه الظّاهرة مشهورةً معروفةً، فالإسلام الحقيقيُّ غريبٌ جدًّا، وأهله غرباء (٤) بين النّاس.

وكيف لا تكون فرقةٌ واحدةٌ قليلةٌ جدًّا غريبةً بين اثنتين وسبعين فرقةً، ذات أتباعٍ ورئاساتٍ ومناصب وولاياتٍ، لا يقوم لها سوقٌ إلّا بمخالفة ما جاء به الرّسولُ - صلى الله عليه وسلم -؟ فإنّ نفس ما جاء به يضادُّ أهواءهم (٥)، وما هم عليه من الشُّبهات (٦) التي هي منتهى فضيلتهم وعملهم، والشّهوات التي هي غاية (٧) مقاصدهم وإراداتهم؟

فكيف لا يكون المؤمن السّائر إلى الله على طريق المتابعة غريبًا بين


(١) ر، ط: «بل آحادا».
(٢) ت، ر: «تغربوا».
(٣) ش: «ودخل فيه»، د: «فيها».
(٤) ط زيادة: «أشدّ الغربة».
(٥) ر، ط زيادة: «ولذّاتهم»، وت: «وآراءهم».
(٦) ر، ط زيادة: «والبدع».
(٧) ر، ط: «غايات».

<<  <  ج: ص:  >  >>