فكبائر هؤلاء أقرب إلى التّوبة من كبائر أولئك، فإنّها قد صارت مقاماتٍ لهم لا يتحاشون من إظهارها وإخراجها في قوالب عبادةٍ ومعرفةٍ، فأهل الكبائر الظّاهرة أدنى إلى السّلامة منهم، وقلوبهم خيرٌ من قلوبهم.
السابع: حجاب أهل الصّغائر.
الثامن: حجاب أهل الفضلات، والتّوسُّعِ في المباحات.
التاسع: حجاب أهل الغفلة عن استحضار ما خُلِقوا له وأُرِيد منهم، وما لله عليهم من دوامِ ذكره وشكره وعبوديّته.
العاشر: حجاب المجتهدين من السالكين المُشمِّرين في السّير عن المقصود.
فهذه عَشْرُ حُجُبٍ بين القلب وبين الله سبحانه، تحول بينه وبين هذه الشأن. وهذه الحجب تنشأ من أربعة عناصِرَ: عنصر النّفس، وعنصر الشّيطان، وعنصر الدُّنيا، وعنصر الهوى، فلا يمكن كشفُ هذه الحجب مع بقاء أصولها وعناصرها في القلب البتّةَ.
وهذه الأربعة تُفسِد القول والعمل والقصد والطّريق بحسب غلبتها وقلّتها، فتقطع طريقَ القول والعمل والقصد أن يصل إلى القلب، وما وصل منه إلى القلب قطعتْ عليه الطّريقَ أن يصل إلى الرّبِّ، فبين القول والعمل وبين القلب مسافةٌ يسافر فيها العبد إلى قلبه ليرى عجائب ما هناك، وفي هذه المسافة قُطَّاع الطّريق المذكورون، فإن حاربهم وخلص العمل إلى قلبه دار فيه، وطلبَ النُّفوذَ من هناك إلى الله، فإنّه لا يستقرُّ دون الوصول إليه {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى}[النجم: ٤٢]. فإذا وصل إلى الله سبحانه أثابه عليه مزيدًا