للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤمنين والكفّار والأبرار والفجَّار، كالكشف عمَّا في دار العبد، أو في يده، أو تحت ثيابه، أو ما حملَتْ به امرأته بعد انعقاده ذكرًا أو أنثى، وما غاب عن العيان من أحوال البلد الشّاسع ونحو ذلك، فإنّ ذلك يكون من الشّيطان تارةً، ومن النّفس تارةً، ولذلك يقع من الكفّار، كالنصارى وعابدي النِّيران والصُّلبان، فقد كاشفَ ابنُ صيّادٍ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بما أضمره له وخَبَأه، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنّما أنت من إخوان الكهَّان» (١). فأخبر أنّ ذلك الكشف من جنس كشف الكهّان، وأنّ ذلك قدره. وكذلك مسيلمة الكذّاب مع فرط كفره كان يُكاشف أصحابَه بما فعله أحدهم في بيته وما قال لأهله، يخبره به شيطانُه ليُغوِي الناس (٢). وكذلك الأسود العَنْسيُّ (٣)، والحارث المتنبِّي الدِّمشقيُّ (٤) الذي خرج في دولة عبد الملك بن مروان، وأمثال هؤلاء ممّن لا يُحصِيهم إلّا الله. ورأينا نحن وغيرنا منهم جماعةً، وشاهد النّاس من كشف الرُّهبان عُبّادِ الصليب ما هو معروفٌ.

والكشف الرحمانيُّ من هذا النوع: هو مثل كشف أبي بكرٍ لمّا قال


(١) إنما قاله لحمل بن النابغة الهذلي لما تكلَّم بسجع، كما في حديث أبي هريرة الذي أخرجه البخاري (٥٧٥٨)، ومسلم (١٦٨١). أما ابن صيَّاد فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اخْسأ فلن تَعْدُوَ قدرك»، كما في حديث ابن عمر الذي أخرجه البخاري (١٣٥٤)، ومسلم (٢٩٣٠).
(٢) انظر: «تاريخ الطبري» (٣/ ٢٨١ وما بعدها)، و «البداية والنهاية» (٩/ ٤٥٨ وما بعدها).
(٣) انظر: «دلائل النبوة» للبيهقي (٥/ ٣٣٥، ٣٣٦)، و «فتح الباري» (٨/ ٩٣).
(٤) انظر: «البداية والنهاية» (١٢/ ٢٨٥ وما بعدها).

<<  <  ج: ص:  >  >>