للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لعائشة: إنَّ امرأته حاملٌ بأنثى (١)، وكشف عمر وقد قال: يا ساريةُ الجبلَ (٢)، وأضعاف هذا من كشف أولياء الرّحمن.

والمقصود: أنّ مراد القوم بالكشف في هذا الباب أمرٌ وراء ذلك، وأفضلُه وأجلُّه أن يُكْشَف للسّالك عن طريق سلوكه ليستقيم عليها، وعن عيوب نفسه ليصلحها، وعن ذنوبه ليتوب منها. فما أكرم الله الصّادقين بكرامةٍ أعظمَ من هذا الكشف، وجعلهم منقادين له عاملين بمقتضاه، فإذا انضمّ هذا الكشف إلى كشف تلك الحُجُب المتقدِّمة عن قلوبهم، سارت القلوب إلى ربِّها مَسيرَ الغيث استدبرتْه الرِّيحُ.

فلنرجعْ إلى شرح كلامه.

فقوله: (الدّرجة الثّالثة: مكاشفة عينٍ، لا مكاشفة علمٍ)، أي: متعلَّق هذه المكاشفة عين الحقيقة، بخلاف مكاشفة العلم، فإنّ متعلَّقها الصُّورة الذِّهنيّة المطابقة للحقيقة الخارجيّة. فكشفُ العلم: أن يكون مطابقًا لمعلومه،


(١) روى مالك في «الموطأ» (٢١٨٩) ــ ومن طريقه البيهقي (٦/ ١٧٠) ــ وابن سعد في «الطبقات» (٣/ ١٩٤، ١٩٥) عن عائشة أن أبا بكر قال لها قبل وفاته بشأن الميراث: «وإنما هما أخواكِ وأختاكِ، فاقتسِموه على كتاب الله». قالت عائشة: فقلتُ: يا أبتِ، إنما هي أسماء، فمن الأخرى؟ فقال أبو بكر: «ذو بطنِ بنتِ خارجة، أُراها جارية». قال ابن عبد البر في «الاستذكار» (٢٢/ ٢٩٨): «فكانت ذو بطنِ بنت خارجة جاريةً أتتْ بعده، فسُمِّيت أم كلثوم، وأما بنت خارجة فهي زوجته. وكان قول أبي بكر ظنًّا كاليقين». ورواه ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٣٠/ ٤٢٤، ٤٢٥، ٦١/ ٢٧٦).
(٢) أخرجه البيهقي في «دلائل النبوة» (٦/ ٣٧٠)، واللالكائي في «شرح أصول اعتقاد أهل السنة» (٢٥٣٧)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٢٠/ ٢٤) وغيرهم عن ابن عمر - رضي الله عنهما - وحسَّنه الحافظ في «الإصابة» (٤/ ١٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>