للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها نعتٌ، لا تدلُّ على كمالٍ ولا جلالٍ، ولا يُحصِّل (١) شهودُها إيمانًا، فضلًا عن أن يكون من أعلى مقامات العارفين.

ويا سبحان الله! أين (٢) شهودُ صفات الكمال وتنوُّعها وكثرتها، وما تدلُّ عليه من عظمة الموصوف بها وجلاله وكماله، وأنّه ليس كمثله شيءٌ في كماله؛ لكثرة أوصافه ونعوته وأسمائه، وامتناع أضدادها عليه، وثبوتها له على أكمل الوجوه الذي لا نقص فيه بوجهٍ ما= من شهودِ ذاتٍ قد غاب شاهدها عن كلِّ صفةٍ ونعتٍ واسمٍ؟!

فبين هذين المشهدين من التّفاوت ما لا يُحصيه إلّا الله، وهذا هو مشهد من تألَّه وفني من الجهميّة والمعطِّلة، صَرَّحوا بذلك وقالوا: كمال هذا المشهد هو قَصْر النّظر على عين الذّات، وتنزيهها عن الأعراض والأبعاض والأغراض والحدود والجهات.

ومرادهم بالأعراض: الصِّفات التي تقوم بالحيِّ، كالسّمع والبصر والقدرة والإرادة والكلام، فلا سمع له، ولا بصر، ولا إرادة، ولا حياة، ولا علم، ولا قدرة.

ومرادهم بالأبعاض: أنّه لا وجه له ولا يدان، ولم يخلق آدم بيده، ولا يقبض (٣) سماواته بيده، ولا يطوي الأرض باليد الأخرى، ولا يمسك السّماوات على إصبعٍ ولا الأرضين على إصبعٍ ولا الشّجر على إصبعٍ،


(١) ت، ر: «ولا في تحصيل».
(٢) ر: «أين يكون في».
(٣) ر: «ولم يطو».

<<  <  ج: ص:  >  >>