للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحو ذلك ممّا أخبر به عن نفسه وأخبر به عنه رسوله (١).

ومرادهم بالأغراض: أنّه لا يفعل لحكمةٍ ولا علّةٍ غائيّةٍ، ولا سبب لفعله، ولا غاية مقصودةٌ.

ومرادهم بالحدود والجهات: مسألة المباينة والعلوِّ، وأنّه غير مُباينٍ لخلقه، ولا مستوٍ على عرشه، ولا تُرفَع إليه الأيدي، ولا تَصْعَد إليه الأعمال، ولا ينزل من عنده شيءٌ، ولا يصعد إليه شيءٌ، وليس فوق العرش إلهٌ يُعبَد ولا ربٌّ يُصلَّى له ويُسجد، بل ليس هناك إلّا العدم المحض الذي هو لا شيء!

فكمال الشُّهود عندهم: أن يشهد ذاتًا مجرّدةً عن كلِّ اسمٍ ووصفٍ ونعتٍ.

وشيخ الإسلام قدَّس الله روحَه عدوُّ هذه الطّائفة، وهو بريءٌ منهم براءةَ الرُّسل منهم، ولكن بقيتْ عليه مثلُ هذه البقيّة، وهي جَعْلُ مشهد العين والذّات فوق مشهد الصِّفات، على أنّه لا سبيل للقوى البشريّة إلى شهود الذّات الإلهيّة البتّةَ، ولا يقع الشُّهود على تلك الحقيقة، ولا جُعِل ذلك إليها، وإنّما إليها شهود الصِّفات والأفعال، وأمّا حقيقة الذّات والعين فغير معلومةٍ للبشر. ولمَّا سأل المشركون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن حقيقة ربِّه سبحانه ومن أيِّ شيءٍ هو؟ أنزل الله عزّ وجلّ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (٢)، فدلَّهم على نفسه بصفاته الثبوتيَّة مِن


(١) كما في حديث ابن مسعود الذي أخرجه البخاري (٤٨١١)، ومسلم (٢٧٨٦).
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٢٤/ ٧٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>