للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن عبدَ النّارَ المجوسُ وما انطفَتْ ... كما جاء في الأخبار مُذْ ألفِ حجّةِ

فما عبدوا غيري ولا كان قصدُهم ... سواي وإن لم يُظهِروا عقدَ نيّةِ

وما عقدَ الزُّنّارَ حكمًا سِوى يدي ... وإن حلَّ بالإقرار لي فهي بيعتي

وكما قال عارفهم (١): واعلم أنّ للحقِّ في كلِّ معبودٍ وجهًا يعرفه من عرفه، ويجهله من جهله، فالعارف يعرف من عبد، وفي أيِّ صورةٍ ظهر، قال: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: ٢٣]. قال (٢): وما قضى الله بشيء إلّا وقع، وما عُبِد غير الله في كلِّ معبودٍ.

فهذا مشهدُ الملحد.

والموحِّد يشاهد بإيمانه ويقينه ذاتًا جامعةً للأسماء الحسنى والصِّفات العلى، لها كلُّ صفة كمالٍ وكلُّ اسمٍ حسنٍ، وذلك يَجذِبه إلى نفس اجتماع همِّه على الله، وعلى القيام بفرائضه.

والطريق بمجموعها لا تخرج عن هذين الشيئين، وإن طوَّلوا العبارات ودقَّقوا الإشارات، فالأمر كلُّه دائرٌ على جمعِ الهمِّ على الله، واستفراغِ الوسع بغاية النصيحة في التقرُّب إليه بالنّوافل بعد تكميل الفرائض، فلا تُطوِّلْ ولا يُطوَّل عليك!

وشيخ الإسلام مراده بالجمع الجاذب إلى عين الجمع أمرٌ آخر بين (٣) هذا وبين جمع أهل الوحدة وعينِ جَمْعهم، لا هو هذا ولا هذا، فهو دائرٌ


(١) ابن عربي في «فصوص الحكم» (١/ ٧٢).
(٢) المصدر نفسه (١/ ١٩٢).
(٣) ش، د: «من». والتصويب من هامشهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>