للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهَا تُكَذِّبُونَ (١٤) أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ (١٥) اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الطور: ١٤ - ١٦].

فيراهم شاهد الإيمان وهم في الحميم على وجوههم يُسحَبون، وفي النّار كالحطب يُسْجَرون، {لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} [الأعراف: ٤١]، فبئس اللِّحاف وبئس الفراش، وإن يستغيثوا من شدّة العطش يُغاثوا بماءٍ يشوي الوجوه (١)، فإذا شربوه قطَّع أمعاءهم في أجوافهم، وصَهَر ما في بطونهم، شرابُهم الحميم، وطعامهم الزّقُّوم {لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (٣٦) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ} [فاطر: ٣٦ - ٣٧].

فإذا قام بقلب العبد هذا الشّاهد انخلع من الذُّنوب والمعاصي، واتِّباع الهوى، ولبسَ ثيابَ الخوف والحذر، وأخصبَ (٢) قلبُه من مَطرِ أجفانه، وهان عليه كلُّ مصيبةٍ في غير دينه وقلبه.

وعلى حسب قوّة هذا الشّاهد يكون بُعْدُه من المعاصي والمخالفات، فيُذِيب هذا الشّاهدُ من قلبه الفضلاتِ والموادَّ المهلكة، ويَنْضَحُها ثمّ يُخرِجها، فيجد القلب لذّةَ العافية وسرورها.

فيقوم به بعد ذلك شاهدٌ من الجنّة، وما أعدَّ الله لأهلها فيها ممّا لا عينٌ


(١) نظر إلى آية سورة الكهف: ٢٩ {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ}.
(٢) ت: «واخضر».

<<  <  ج: ص:  >  >>