للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأتْ ولا أذنٌ سمعتْ ولا خطَرَ على قلب بشرٍ، فضلًا عمّا وصفه لعباده على لسان رسوله من النّعيم المفصّل، الكفيل بأعلى أنواع اللّذّة، من المطاعم والمشارب، والملابس والصُّور، والبهجة والسُّرور، فيقوم بقلبه شاهدُ دارٍ قد جعل النّعيم المقيم الدّائم بحذافيره فيها، ترابُها المِسك، وحصباؤها الدُّرُّ، وبناؤها لَبِنُ الذّهب والفضّة وقَصَبُ اللُّؤلؤ، وشرابها أحلى من العسل، وأطيب رائحةً من المسك، وأبرد من الكافور، وألذُّ من الزّنجبيل، ونساؤها لو برزَ وجهُ إحداهنّ في هذه الدُّنيا لغلبَ على ضوء الشّمس، ولباسهم الحرير من السُّندس والإستبرق، وخَدَمُهم وِلدانٌ كاللُّؤلؤ المنثور، وفاكهتهم دائمةٌ، لا مقطوعةٌ ولا ممنوعةٌ، وغذاؤهم لحمُ طيرٍ ممّا يشتهون، وشرابهم عليه خمرةٌ لا فيها غَوْلٌ ولا هم عنها يُنزَفُون، وخضرتهم فاكهةٌ ممّا يتخيّرون، ومشاهدهم حورٌ عِينٍ كأمثال اللُّؤلؤ المكنون، فهم على الأرائك متّكئون، وفي تلك الرِّياض يُحبَرون، وفيها ما تشتهي (١) الأنفس وتلذُّ الأعين وهم فيها خالدون.

فإذا انضمَّ إلى (٢) هذا الشّاهد شاهدُ يومِ المزيد، والنّظر إلى وجه الرّبِّ جلّ جلاله، وسماعِ كلامه منه بلا واسطةٍ، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «بَيْنا أهل الجنّة في نعيمهم إذ سطَعَ لهم نورٌ، فرفعوا رؤوسهم، فإذا الرّبُّ تبارك وتعالى قد أشرفَ عليهم من فوقهم، وقال (٣): يا أهل الجنّة، سلامٌ عليكم. ثمَّ قرأ قوله: {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} [يس: ٥٨]، ثمَّ يتوارى عنهم، وتبقى رحمته وبركته في


(١) ر، ت: «تشتهيه».
(٢) «إلى» ليست في ش، د.
(٣) «وقال» ليست في د.

<<  <  ج: ص:  >  >>