للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والطّلب من كمال الحياة، فهو سببٌ إلى حصول أكمل الحياة وأطيبها (١)، فإنّ الحياة الطّيِّبة إنّما تُنال بالهمّة العالية، والمحبّة الصّادقة، والإرادة الخالصة، فعلى قدْرِ ذلك تكون الحياة الطّيِّبة. وأخسُّ النّاس حياةً أخسُّهم همّةً وأضعفُهم محبّةً وطلبًا، وحياة البهائم خيرٌ من حياته، كما قيل (٢):

نهارُك يا مغرورُ لهْوٌ وغفلةٌ ... وليلك نومٌ والرَّدَى لك لازمُ ... تُسَرُّ بما يَفنى وتَفْرَحُ بالمُنى ... كما غُرَّ باللّذّاتِ في النّوم حالمُ (٣)

وتكدَحُ فيما سوفَ تَسخَطُ (٤) غِبَّه ... كذلك في الدُّنيا تعيش البهائمُ

والمقصود: أنّ حياة القلب بالعلم والإرادة والهمّة، والنّاس إذا شاهدوا ذلك من الرجل قالوا: هو حيُّ القلب، وحياة القلب بدوامِ الذِّكر وتركِ الذُّنوب، كما قال عبد الله بن المبارك (٥) رحمة الله ورضوانه عليه:


(١) «وأطيبها» ليست في ر.
(٢) الأبيات لعمر بن عبد العزيز - رحمه الله - في «عيون الأخبار» (٢/ ٣٠٩)، و «المجالسة» للدينوري (٢/ ٤٢٤)، و «حلية الأولياء» (٥/ ٢٦٣، ٣١٩)، و «أدب الدنيا والدين» (ص ١٨٥)، و «بهجة المجالس» (٢/ ٣٢٤)، و «تاريخ دمشق» (٤٥/ ٢٤٣، ٢٤٤) وغيرها، وفي بعضها أنه كان يتمثل بها. ونُسبت لمسعر بن كدام في «حلية الأولياء» (٧/ ٢٢٠)، و «سير أعلام النبلاء» (٧/ ١٦٦)، ولابن عبد الأعلى في «سيرة عمر بن عبد العزيز» لابن الجوزي (ص ٢٢٥)، و «الحماسة البصرية» (٤/ ١٦٨٢).
(٣) هذا البيت ساقط من د، ت.
(٤) ر: «تكره».
(٥) «ديوانه» (ص ٢٦)، و «المجالسة» للدينوري (٢/ ٣٠)، و «حلية الأولياء» (٨/ ٢٧٩)، و «جامع بيان العلم» (١/ ٣٢٧)، و «الجامع لشعب الإيمان» (٥/ ٤٦٤)، و «بهجة المجالس» (٣/ ٣٣٤)، و «تاريخ دمشق» (٣٢/ ٤٦٧، ٤٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>