للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأيتُ الذُّنوبَ تُمِيتُ القلوب ... وقد يُورِثُ الذُّلَّ إدمانُها

وتركُ الذُّنوبِ حياةُ القلوب ... وخيرٌ لنفسكَ عِصيانُها (١)

وسمعتُ شيخ الإسلام ابن تيميّة يقول: من واظبَ على «يا حيُّ يا قيُّوم، لا إله إلّا أنت» كلّ يومٍ بين سنّة الفجر وصلاة الفجر (٢) أربعين مرّةً أحيى الله قلبه (٣).

وكما أنّ الله سبحانه جعل حياة البدن بالطّعام والشّراب، فحياة القلب بدوام الذِّكر، والإنابة إلى الله، وترك الذُّنوب. والغفلةُ الجاثمة (٤) على القلب والتّعلُّقُ بالرّذائل والشّهوات المنقطعة عن قُربٍ تُضعِف هذه الحياة، ولا يزال الضّعف يتوالى عليه حتّى يموت، وعلامةُ موته: أنّه لا يعرف معروفًا ولا يُنكِر منكرًا، كما قال عبد الله بن مسعودٍ: أتدرون مَن ميِّتُ الأحياء الذي قيل فيه:

ليس مَن ماتَ فاستراحَ بميْتٍ ... إنّما الميْتُ ميِّتُ الأحياء

قالوا: ومن هو؟ قال: الذي (٥) لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا (٦).


(١) بعدها في المطبوع ثلاثة أبيات ليست في الأصول إلّا في ر، وهي:
وهل أفسد الدينَ إلّا الملوك ... وأحبار سوءٍ ورهبانُها
وباعوا النفوسَ ولم يَربَحوا ... ولم يغْلُ في البيع أثمانُها
لقد رتَعَ القوم في جِيفةٍ ... يَبينُ لذي اللُّبِّ خسرانُها
(٢) ت: «الصبح».
(٣) تقدم ذكره في الكتاب (٢/ ٧٨).
(٤) ش، د: «الجامة».
(٥) د: «من».
(٦) رُوي عن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه -، أخرجه البيهقي في «الشعب» (١٠١٨٨)، ورواه مختصرًا ابن أبي شيبة (٣٨٧٣٢)، والبيهقي في «الشعب» (٧١٨٤). وعزاه شيخ الإسلام في «الاستقامة» (٢/ ٢١٢) إلى ابن مسعود كما هنا. وفي «مختصر الفتاوى المصرية» (ص ٥٨٠) عزاه إلى بعض السلف. والبيت لعديّ بن الرعلاء الشاعر الجاهلي من قصيدة له في «الأصمعيات» (ص ١٧١)، و «خزانة الأدب» (٤/ ١٨٧، ١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>