للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشّوقِ إليه.

فإذا صدقَ في ذلك رُزِقَ محبّةَ الرسول - صلى الله عليه وسلم -، واستولتْ روحانيَّته على قلبه، فجعله إمامَه، وأستاذه ومُعلِّمَه، وشيخَه وقدوتَه، كما جعله الله نبيَّه ورسولَه وهادِيَه (١)، فيطالع سيرته ومبادئ أموره، وكيفيّة نزول الوحي عليه، ويعرف صفاتِه وأخلاقَه، وآدابَه في حركاته وسكونه، ويقظتِه ومنامه، وعبادته ومعاشرته لأهله وأصحابه، حتّى يصير كأنّه معه من بعض أصحابه.

فإذا رسخ قلبه في ذلك فُتِح عليه بفهم (٢) الوحي المنزّل عليه من ربِّه، بحيث إذا قرأ السُّورة شاهد قلبُه ماذا أُنزِلت فيه، وماذا أُريد بها، وحظّه المختصّ به منها من الصِّفات والأخلاق والأفعال المذمومة، فيجتهد في التّخلُّص منها كما يجتهد في الشِّفاء من المرض المَخُوف، ومن الصِّفات (٣) والأفعال الممدوحة، فيجتهد في تكميلها وإتمامها.

فإذا تمكَّن من ذلك انفتحَ في قلبه عينٌ أخرى، يشاهد بها صفات الرّبِّ جلّ جلاله، حتّى تصير لقلبه بمنزلة المرئيِّ لعينه، فيشهد علوَّ الرّبِّ سبحانه فوقَ خلقه، واستواءه على عرشه، ونزولَ الأمر من عنده بتدبير مملكته، وتكلُّمه بالوحي، وتكليمه لعبده جبريل به (٤)، وإرسالَه إلى من يشاء بما يشاء، وصعودَ الأمور إليه، وعرضَها عليه.


(١) ر: «وهاديًا إليه».
(٢) ت: «فهم».
(٣) عطف على «من الصفات والأخلاق ... ».
(٤) «به» ليست في ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>