للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه الصّالح والطّالح، والعالم والجاهل، وصاروا تحت أطباق (١) الثّرى، يجب أن يتَساوَوْا في العاقبة؟ أما تساوى قومٌ سافروا من بلدٍ إلى بلدٍ في الطّريق؟ فلمّا بلغوا القصدَ نزلَ كلُّ واحدٍ في مكانٍ كان مُعَدًّا له، وتُلُقِّي بغير ما تلقِّي به رفيقُه في الطريق؟ أما لكلِّ قومٍ دارٌ أُدخِلَ (٢) كلُّ واحدٍ منهم حيث يليق به؟ وقوبل هذا بشيءٍ، وهذا بضدِّه؟ أما قدِمَ على الملك من جاءه بما يحبُّه فأكرمه عليه، ومن جاءه بما يُسخِطه فعاقبه عليه؟ أما قدِمَ ركبُ المدينة فنزل بعضهم في قصورها وبساتينها وأماكنها الفاضلة، ونزل قومٌ على قوارع الطّرق بين الكلاب؟ أما قدِمَ اثنان من بطن الأمِّ، فصار هذا إلى الملك، وهذا إلى الأسر والعناء؟

وقولك «سَلِ الأرضَ عنهما»، أما قد سألناها، فأخبرتْنا أنّها قد ضمَّتْ أجسادَهم وجُثَثَهم وأوصالَهم، لا كفرهم وإيمانهم، ولا إساءتَهم وإحسانَهم، ولا حلمهم (٣) وسفههم، ولا طاعتهم ومعصيتهم، ولا يقينَهم وشكَّهم، ولا توحيدهم وشركهم، ولا جورهم وعدلهم، ولا علمهم وجهلهم، فأخبرتْنا عن هذه الجثث البالية، والأبدان المتلاشية، والأوصال المتفرّقة، واللُّحوم المتمزِّقة، وقالت: هذا خبر ما عندي.

وأمّا خبر تلك الأرواح وما صارت إليه، فسَلُوا عنها (٤) كتب ربِّ العالمين، ورسله الصّادقين، وخلفاءهم الوارثين، سلوا القرآن فعنده الخبر


(١) «أطباق» ليست في ت، ر.
(٢) ت، ر: «فأجلس».
(٣) ش، د: «حكمتهم».
(٤) ش: «فسلوها».

<<  <  ج: ص:  >  >>