للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تتضمّن الكذبَ على الله ورسوله، والتّكذيبَ بالحقِّ الذي جاء به الرّسول - صلى الله عليه وسلم -.

فإن بادر إلى كشفه وإلّا تكاثف حتّى صار حجابَ شكٍّ وتكذيبٍ؛ يقدح في أصول الإيمان الخمسة، وهي: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله ولقائه، فلِغِلَظِ حجابه وكثافته وظلمته وسواده لا يرى حقائق الإيمان، ويتمكّن منه الشّيطان، يَعِده ويُمنِّيه، والنّفس الأمّارة تهوى وتشتهي، وسلطان الطّبع قد ظفِرَ بسلطان الإيمان، فأسَرَه أو سجَنَه إن لم يُهلكه، وتولّى تدبير المملكة، واستخدم (١) جنودَ الشّهوات، وأقطعها العوائد (٢) التي جرى عليها العمل، وأغلق بابَ اليقظة، وأقام عليه بوّابَ الغفلة وقال: إيّاك أن نُؤتى من قِبَلك، واتّخذ حاجبًا من الهوى وقال: إيّاك أن تمكِّن أحدًا يدخل إلّا معك، فأمرُ هذه المملكة قد صار إليك وإلى البوّاب، فيا بوّابَ الغفلة ويا حاجبَ الهوى ليلزمْ كلٌّ منكما ثغْرَه، فإن أخليتما فسدَ أمرُ مملكتنا، وعادت الدّولة لغيرنا، وسامَنا سلطانُ الإيمان شرَّ الخزي والهوان، ولا نفرح بهذه المدينة أبدًا.

فلا إله إلّا الله! إذا اجتمعتْ على القلب هذه العساكر مع رقَّة الإيمان وقلَّة الأعوان، والإعراض عن ذكر الرّحمن، والانخراط في سِلْك أبناء الزّمان، وطولِ الأمل المفسد للإنسان= آثرَ العاجلَ الحاضرَ على الغائب الموعود به بعد طيِّ هذه الأكوان، فالله المستعان وعليه التُّكلان.

فهذا فصلٌ مختصرٌ نافعٌ في ذكر الحياة وأنواعها، والتّشويق إلى أشرفها وأطيبها، فمن صادف في قلبه حياةً انتفع به، وإلّا فخَوْدٌ تُزَفُّ إلى ضَريرٍ


(١) ت: «وأقام».
(٢) ش، د: «الفوائد».

<<  <  ج: ص:  >  >>