للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبعيد؛ لأنَّه سبحانه جعل ذلك آيةً ودلالةً عليه للناظر فيه، كما في سائر آياته التي يدعو عباده إلى النظر فيها، فلا بدَّ أن يكون ذلك أمرًا مشهودًا تقوم به الدلالة وتحصل به التبصرة.

وأبعد من هذا ما تعلَّق به صاحب «المنازل» في باب القبض بقبض الظِّلِّ، كما أشار إليه في خطبة كتابه حيث يقول (١): (الذي مدَّ ظلَّ التكوين على الخليقة مدًّا طويلًا، ثمّ جعل شمس التمكين لصفوته عليه دليلًا، ثمَّ قبض ظلَّ التفرقة عنهم إليه قبضًا يسيرًا)، فاستعار للتكوين لفظ الظلِّ إعلامًا بأنَّ المكوِّنات بمنزلة الظِّلال في عدم استقلالها بأنفسها، إذ لا يتحرَّك الظلُّ إلَّا بحركة صاحبه. وقوله (مدًّا طويلًا) إشارة إلى أنَّه سبحانه لا يزال يخلق شيئًا بعد شيءٍ خلقًا لا يتناهى، لسعة قدرته ووجوب أبديَّته.

ثمَّ إنَّ حقيقة الظلِّ هي عدم الشمس في بقعةٍ ما لساترٍ سترها. فإنَّما تتعيَّن تلك الحقيقة بالشمس، فكذلك التكوُّن إنَّما يتعيَّن حقيقةً (٢) بالمكوِّن تعالى. و (شمس التمكين) هي التوحيد الجامع لقلوب صفوته عن (٣) التفرُّق في شعاب ظلِّ التكوين (٤).

(ثمَّ قبض ظلَّ التفرقة عنهم إليه قبضًا يسيرًا) أي: أخذ ظلَّ التفرقة عنهم أخذًا سهلًا.


(١) (ص ١ - ٢).
(٢) ت، ر: «حقيقته».
(٣) ت: «على».
(٤) غير محررة في د، يشبه: «التمكن».

<<  <  ج: ص:  >  >>