للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمقصود: أنَّ قوله: (مغنٍ عن الطلب) كلامٌ يحتاج إلى تأويلٍ وحملٍ على معنًى يصحُّ. فإمَّا أن يُحمَل على أنَّه مغنٍ عن تكلُّف الطلب، ولا يريد هذا المعنى (١).

وإمَّا أن يُحمل على أنَّه مغنٍ عن رؤية الطلب، وهذا أقرب، ولا يريده.

وإمَّا أن يحمل على أنَّه قد وصل إلى مشاهدة الأوَّليَّة، حيث تنطوي الأكوان والأسباب، ولا يبقى للطلب تأثيرٌ البتَّة، فإنَّه من عين الجود، وحصول المطلوب لم يكن موقوفًا عليه ولا به، وإنَّما هو ممَّن وجود كلِّ شيءٍ به وحده، فهو المُوجِد والمُعِدُّ والمُمِدُّ، وبيده الأسباب وسببيَّتها وقُواها وموانعها ومُعارضها، فالأمر كلُّه (٢) له وبه، ومصيره كلُّه (٣) إليه. فهذا معنًى صحيحٌ في نفسه، ولكنَّ صاحب هذا المقام لا يستغني عن الطلب.

قوله: (طاهرٌ من الحرج) أي: خالٍ منه، لا حرج عليه، لأنَّه قائمٌ بوظائف العبوديَّة في سكره وصحوه.

قوله: (فإنَّ السُّكر إنَّما هو في الحقِّ، والصحو إنَّما هو بالحقِّ)، يريد: أنَّ السُّكر إنَّما هو في محبَّته والشوق إليه، فقلبه مستغرقٌ في الحبِّ. والصَّحو إنَّما هو بالحقِّ (٤)، أي: بوجوده. وهذا كلامٌ يحتاج إلى شرحٍ وبيانٍ وعبارةٍ وافيةٍ بالغرض، فنقول والله المستعان:


(١) أي أن صاحب «المنازل» لم يُرِده. والسياق في ر: «فلا يريد هذا على هذا المعنى»، وفي هامشه: «لعله: يَرِد».
(٢) في ت زيادة: «ليس»، خطأ.
(٣) «كلُّه» سلقطة من ت، ر.
(٤) «يريد .. بالحق» ساقط من ت لانتقال النظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>