للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العبد إذا وصل إلى الله جدَّ به سيرُه، وقوي سفره؛ فعلامة الوصول إلى الله: الجدُّ في السَّير، والاجتهاد في السَّفر.

وهذا الموضع هو مفرق الطريقين بين الموحِّدين والملحدين، فالملحد يقول: السفر وسيلةٌ، والاشتغال بالوسيلة بعد الوصول إلى الغاية بطالة، ومتى وصل العبدُ سقطت عنه أحكام السفر، وصار كما قيل (١):

فألقت عصاها واستقرَّ بها النوى ... كما قرَّ عينًا بالإياب المسافرُ

ودُعي بعض هؤلاء إلى الصلاة وقد أقيمت، فقال (٢):

يطالَب بالأوراد من كان غافلًا ... فكيف بقلبٍ كلُّ أوقاته وردُ

وقيل لملحدٍ آخر منهم: لِمَ لا تصلِّي؟ فقال: أنتم مع أورادكم، ونحن مع وارداتنا!

وهؤلاء هم (٣) الذين صاح بهم أئمَّة الطريق وأخرجوهم من دائرة الإسلام. وقال بعضهم: نعم وصلوا، ولكن إلى الشيطان لا إلى الرحمن. وقال آخر: وصلوا ولكن إلى سقر.

فكلُّ واصلٍ إلى الله: فهو طالبٌ له، وسالكٌ في طريق مرضاته.

نعم، بداية الأمر: الطلب، وتوسُّطه: السُّلوك، ونهايته: الوصول، وسيأتي بيان حقيقة الوصول الذي يشير إليه القوم في الباب الذي يلي هذا، إن شاء الله تعالى.


(١) بيت سائر، اختُلف في قائله، وقد تقدَّم تخريجه (٣/ ٥٢٦).
(٢) لم نقف له على قائل، وقد تقدم البيت غير مرة (١/ ١٣٣، ٣٨٠، ٣/ ٥٢٤).
(٣) ليست في ش، د.

<<  <  ج: ص:  >  >>