للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أمره بذبحه، حتّى يخرج من قلبه (١).

إنَّما كان الشِّرك عنده ذنبًا لا يُغفَر لتعلُّق قلب المشرك به وبغيره، فكيف بمن علَّق قلبَه كلَّه بغيره وأعرض عنه بكلِّيَّته؟

إذا أردت أن تعرف ما حلَّ بك من بلاء الانفصال وذلِّ الحجاب، فانظر لمن استعبد قلبَك، واستخدم جوارحَك، وبمن شُغِل سرُّك، وأين يبيت قلبك إذا أخذت مضجعك؟ وإلى أين يطير إذا استيقظتَ من منامك؟ فذلك هو معبودك وإلهك؛ فإذا سمعت النِّداء يوم اللقاء: لينطلق كلُّ أحدٍ مع من كان يعبده (٢)، انطلقت معه كائنًا من كان.

لا إله إلَّا الله! ما أشدَّ غبنَ من باع أطيب الحياة في هذه الدار المتَّصلة بالحياة الطيِّبة هناك والنعيمَ المقيمَ بالحياة المنغَّصة المنكَّدة (٣) المتَّصلة بالعذاب الأليم؛ والمدَّةُ ساعةٌ من نهارٍ، أو عشيَّةٌ أو ضحاها، أو يومٌ أو بعض يومٍ، فيه ربح الأبد وخسارة الأبد (٤).

فما هي إلَّا ساعةٌ ثمَّ تنقضي ... ويذهب هذا كلُّه ويزولُ (٥)


(١) زِيد في ر: «ذلك المزاحم».
(٢) كما ثبت من حديث أبي هريرة وأبي سعيد الطويل في الشفاعة. أخرجه البخاري (٨٠٦) ومسلم (١٨٢).
(٣) ش، د: «المنكرة»، تصحيف. ت: «النكدة».
(٤) ر: «أو خسارة الأبد».
(٥) أنشده المؤلف في «بدائع الفوائد» (٢/ ٦٧٢) و «الداء والدواء» (ص ٤٥٤) و «روضة المحبين» (ص ٩). ولعله أخذه من شعرٍ لبهاء الدين زُهير الكاتب في «ديوانه» (ص ٢٧٩):
وما هي إلا غيبةٌ ثم نلتقي ... ويذهب هذا كلُّه ويزولُ

<<  <  ج: ص:  >  >>