للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدار الآخرة، والجنة والنار، والملائكة، والرُّسل، كما قيل (١):

إذا سكن الغديرُ على صفاءٍ ... وجُنِّب (٢) أن يحرِّكه النسيمُ

بدت فيه السماء بلا امتراءٍ ... كذاك الشمسُ تبدو والنُّجومُ

كذاك قلوب أرباب التّجلِّي ... يرى في صفوها اللهُ العظيمُ

وهذه رؤية المَثَل الأعلى، كما تقدَّم (٣).

ومن علامات المعرفة: أن يبدو لك الشاهد، وتفنى الشواهد، وتنحلَّ العلائق، وتنقطع العوائق، وتجلس بين يدي الربِّ تعالى، وتقوم وتضطجع على التأهُّب للقائه، كما يجلس الذي قد شدَّ أحماله وأزمع السفر على التّأهُّب له، ويقوم على ذلك ويضطجع عليه، وكما ينزل المسافر في المنزل (٤)، فهو جالس وقائم ومضطجع على التأهُّب.

وقيل للجنيد: إنَّ أقوامًا يدَّعون المعرفة، يقولون: إنَّهم يَصِلون بترك الحركات من باب البرِّ والتّقوى؟ فقال الجنيد: هذا قول أقوامٍ تكلَّموا بإسقاط الأعمال، وهو عندي عظيمٌ، والَّذي يسرق ويزني أحسن حالًا من الذي يقول هذا، إنّ العارفين بالله أخذوا الأعمال عن الله، وإلى الله رجعوا فيها، ولو بقيتُ ألف عامٍ لم أنقص من أعمال البرِّ ذرَّةً (٥).


(١) لم أجدها عند غيره.
(٢) ش: «غُيِّب».
(٣) (ص ١٥٣).
(٤) ش: «منزله»، ت: «المنزلة». ولعل المثبت من ر أولى.
(٥) زِيد في ر: «إلَّا أن يحال بيني وبينها»، وهو تمام قوله في «الحلية» (١٠/ ٢٧٨) و «القشيرية» (ص ١٥٤ - ١٥٥)، ولكن المؤلف هنا صادر عن «باب المعرفة» من «القشيرية» (ص ٦٤٢) وليس فيه هذه الزيادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>