للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقائقها كتأويل آيات الأمر والنهي، فالباب كلُّه بابٌ واحد، ومصدرُه واحد، ومقصودُه واحد (١)، وهو إثبات حقائقه والإيمان بها.

ولذلك سطا على تأويل آيات المعاد قومٌ، وقالوا: فعلُنا فيها كفعل المتكلِّمين في آيات الصِّفات، بل نحن أعذر، فإنَّ اشتمال الكتب الإلهيَّة على الصفات والعلوِّ وقيامِ الأفعال أعظمُ من نصوص المعاد للأبدان بكثيرٍ، فإذا ساغ لكم تأويلُها، فكيف يَحْرُم علينا نحن تأويلُ آيات المعاد؟ وكذلك سطا قومٌ آخرون على تأويل آيات الأمر والنهي، وقالوا: فعلنا فيها كفعل أولئك في آيات الصِّفات، مع كثرتها وتنوُّعها، وآيات الأحكام لا تبلغ زيادةً على خمسمائة آيةٍ.

قالوا: وما يُظنُّ أنَّه معارِضٌ من العقليَّات لنصوص الصِّفات، فعندنا معارِضٌ عقليٌّ لنصوص المعاد، من جنسه أو أقوى منه. قال متأوِّلو آيات الأحكام على خلاف حقائقها وظواهرها: الذي سوَّغ لنا هذا التأويلَ القواعدُ التي أصَّلتموها (٢) لنا، وجعلتموها أصولًا (٣) نرجع إليها، فلمَّا طردناها كان طردُها: أنَّ الله ما تكلَّم بشيءٍ (٤) قطُّ، ولا يتكلَّم، ولا يأمر ولا ينهى، ولا له صفةٌ تقوم به، ولا يفعل شيئًا، وطردُ هذا الأصل: لزوم تأويل آيات الأمر والنهي، والوعد والوعيد، والثواب والعقاب.


(١) «واحد، ومقصودُه واحد» ساقط من ش، د.
(٢) ت: «اختلقتموها». ر: «اصطلحتموها».
(٣) ت، ر: «أصلا».
(٤) ت: «ما يعلم شيئًا»، تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>