للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على علم الربِّ تعالى بالجزويَّات، وعلى سمعه لسؤال عبيده، وعلى قدرته على قضاء حوائجهم، وعلى رأفته ورحمته بهم.

والإحسان إلى المطيعين، والتقريبُ لهم (١) والإكرام، وإعلاءُ درجاتهم يدلُّ على محبَّته ورضاه. وعقوبتُه للعصاة والظلمة وأعداء رسله بأنواع العقوبات المشهودة تدلُّ على صفة الغضب والسُّخط، والإبعادُ والطردُ والإقصاءُ يدلُّ على المقت والبغض.

فهذه الدلالات من جنسٍ واحدٍ عند التأمُّل. ولهذا دعا سبحانه عبادَه في كتابه إلى الاستدلال بذلك على صفاته، فهو يثبت العلمَ بربوبيَّته ووحدانيَّته، وصفاتِ كماله بآثار صُنعه المشهودة، والقرآن مملوءٌ (٢) من ذلك.

فيظهر شاهد اسم «الخالق» من نفس المخلوق، وشاهد اسم «الرزَّاق» من وجود الرِّزق (٣)، وشاهد اسم «الرحيم» من شهود الرحمة المبثوثة في العالم، واسم «المعطي» من وجود العطاء الذي هو مدرارٌ لا ينقطع لحظةً واحدةً، واسم «الحليم» من حلمه عن الجُناة والعُصاة وعدم معاجلتهم، واسم «الغفور» و «التوَّاب» من مغفرة الذُّنوب وقبول التوبة، ويظهر شاهد اسم «الحكيم» من العلم بما في خلقه وأمره من الحِكَم والمصالح ووجوه المنافع. وهكذا كلُّ اسمٍ من أسمائه الحسنى له شاهدٌ في خلقه وأمره، يعرفه من عرفه ويجهله من جهله، فالخلق والأمر من أعظم شواهد أسمائه وصفاته.


(١) ر: «التقرب إليهم».
(٢) «مملوء» ساقط من ش، د. وفي ر: «مملوء بذلك».
(٣) زيد في ر: «ووجود المرزوق».

<<  <  ج: ص:  >  >>