للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكلُّ سليم العقل والفطرة يعرف قدرَ الصانع وحَذْقَه، وتبريزَه على غيره، وتفرُّدَه بكمالٍ لم يشاركه فيه (١) غيرُه= من مشاهدة صُنعه (٢)، فكيف لا تُعرَف صفات مَن هذا العالَمُ العلويُّ والسفليُّ وهذه المخلوقاتُ مِن بعض صنعه؟!

وإذا اعتبرتَ المخلوقات والمأمورات، وجدتها كلَّها دالَّةً على النُّعوت والصِّفات وحقائقِ الأسماء الحسنى، وعلمت أنَّ المعطِّل (٣) من أعظم الناس عمًى ومكابرةً. ويكفي ظهور شاهد الصُّنع فيك خاصَّةً كما قال تعالى: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: ٢١]، فالموجودات بأسرها شواهد صفات الربِّ ــ جلَّ جلاله ــ ونعوتِه وأسمائه، فهي كلُّها تشير إلى الأسماء الحسنى وحقائقها، وتنادي عليها، وتدلُّ عليها، وتخبر بها بلسان النُّطق والحال، كما قيل (٤):

تأمَّل سطور الكائنات فإنَّها ... من الملك الأعلى إليك رسائلُ

وقد خُطَّ فيها لو تأمَّلتَ خطَّها ... «ألا كلُّ شيءٍ ما خلا الله باطلُ»

تشير بإثبات الصِّفات لربِّها ... فصامتُها يهدي ومن هو قائلُ


(١) «فيه» من ت، ر.
(٢) ت، ر: «صنعته».
(٣) ر: «المعطلة».
(٤) أنشد المؤلف البيتين الأولين في «بدائع الفوائد» (٤/ ١٥٩٣) و «التبيان» (ص ٢٥٤) و «مفتاح دار السعادة» (٢/ ١٠٢٥)، وهما لركن الدين ابن القوبع المالكي (ت ٧٣٨) في ترجمته من «أعيان العصر» (٥/ ١٦٣) و «الدرر الكامنة» (٤/ ١٨٣)، ولعل البيت الثالث من نظم المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>