للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلستَ ترى شيئًا أدلَّ على شيءٍ مِن دلالة المخلوقات على صفات خالقها، ونعوت كماله، وحقائقِ أسمائه، وقد تنوَّعت أدلَّتها بحسب تنوُّعها، فهي تدلُّ عقلًا وحسًّا وفطرةً ونظرًا واعتبارًا (١).

قوله: (بتبصير (٢) النُّور القائم في السِّرِّ)، يعني: أنَّ النور الإلهيَّ الذي يجعله الله لعبده، ويلقيه عليه، ويودعه في سرِّه، هو الذي يبصِّره بشواهد صفاته. فكلَّما قوي هذا النُّور في قلب العبد كان بصره بالصِّفات أتمَّ وأكمل، وكلَّما قلَّ نصيبه من هذا النُّور (٣) وطفئ مصباحُه في قلبه طفئ نورُ التصديق بالصِّفات وإثباتها في قلبه، فإنَّه إنَّما يشاهدها بذلك النُّور، فإذا فقده لم يشاهدها، وجاءت الشُّبه الباطلة مع تلك الظُّلمة، فلم يكن له نصيبٌ منها سوى الإنكار.

قوله: (وطيبِ حياة العقل لزرع الفكر)، أي: يدرك الصِّفات بذلك النُّور القائم في سرِّه، وطيبِ حياة عقله، التي طيَّبها زرعُ الفكر الصحيح المتعلِّق بما دعا الله سبحانه (٤) إلى الفكر فيه بقوله: {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [آل عمران: ١٩١]. وقولِه: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ} [الروم: ٨]. وقولِه: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (٢١٩) فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [البقرة: ٢١٩ - ٢٢٠]،


(١) «من دلالة ... واعتبارًا» ساقط من ر.
(٢) ت، ر: «بتبصر».
(٣) في ت زيادة: «الإلهي».
(٤) في ر زيادة: «عبادَه».

<<  <  ج: ص:  >  >>