للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسمه «الله» و «الربُّ» و «الإله» أسماءً لذاتٍ مجرَّدةٍ لا صفةَ لها البتَّة، فإنَّ هذه الذات وجودُها يستحيل (١)، وإنَّما يفرضها الذِّهن فرضَ الممتنعات ثمَّ يحكم عليها. واسم «الله» سبحانه و «الربِّ»، و «الإله» اسمٌ لذاتٍ لها (٢) جميعُ صفات الكمال ونعوت الجلال، كالعلم والقدرة والحياة والإرادة والكلام والسمع والبصر والبقاء والقِدَم، وسائرِ الكمال الذي يستحقُّه لذاته. فصفاته داخلةٌ في مسمَّى اسمه، فتجريد الصِّفات عن الذات، والذات عن الصِّفات فرضٌ وخيالٌ ذهنيٌّ لا حقيقة له، وهو أمرٌ اعتباريٌّ لا فائدة فيه، ولا يترتَّب عليه معرفةٌ ولا إيمان، ولا هو علمٌ في نفسه.

وبهذا أجاب السَّلفُ الجهميَّةَ (٣) لمَّا استدلُّوا على خلق القرآن بقوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} (٤) [الرعد: ١٦]، قالوا: والقرآن شيء؛ فأجابهم السَّلف بأنَّ القرآن كلامه، وكلامه صفته، وصفاته داخلةٌ في مسمَّى اسمه كعلمه وقدرته وحياته وسمعه وبصره ووجهه ويديه (٥).

فليس «الله» اسمًا لذاتٍ لا نعتَ لها، ولا صفة ولا فعل، ولا وجه ولا


(١) ت، ر: «مستحيل».
(٢) «لها» سقطت من ش، د. ثم ألحق الناسخ أو غيره في هامش ش: «مع» مستظهرًا صحَّتها. وكتب بعضهم في د فوق «جميع»: «جمَعَ»، محاولةً منه لإصلاح العبارة.
(٣) ش، د: «للجهمية».
(٤) في ش، د: {خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} دون الاسم المعظَّم.
(٥) انظر قول ابن عيينة في «السنة» للخلال (١٧٣٠)، وقول أحمد في «الرد على الجهمية» (ص ١١٥)، وقول عبد العزيز الكناني في «الحيدة» (ص ٤٣ وما بعدها) و «الإبانة الكبرى» (٢/ ٢٧٨ - ٢٧٩)، وكلام ابن بطَّة فيه (٢/ ٢٢٦ - ٢٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>