للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ} [الأنعام: ٤٦]، وقال: {(١٥) قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ} [يونس: ١٦].

ويعلمَ (١) العبدُ أنَّ ما أخبر به الربُّ على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - من شواهدِ معرفته والإيمان به هي معالمُ يَهتدي بها عبادُه (٢) إليه، ويعرفون بها كماله وجلالَه وعظمتَه؛ فإذا تيقَّنوا صدقه ولم يشكُّوا فيه، وتفطَّنوا لآثار أسمائه وصفاته في أنفسهم وفي سواهم= انضمَّ شاهد العقل والفطرة إلى شاهد الوحي والشرع، فانتقلوا حينئذٍ من الخبر إلى العِيان، فالعبارات معالمُ على الحقائق المطلوبة، والمعالمُ هي الأمارات التي يُعلَم بها المطلوب؛ فإذا أرسل (٣) العارفُ كلَّ معنًى ممَّا تقدَّم ذكرُه على مقصوده، وصرف همَّتَه إلى مُجرِيه وناصبه ومصدره= اجتمع همُّه عليه، وتمكَّن في معرفة الذات التي لها صفات الكمال ونعوت الجلال.

ومقصوده: أن يبيِّن في هذه الأركان الثلاثة حالَ صاحب معرفة الذات، وكيف تَرتَّبُ (٤) الأشياءُ في نظره، ويترقَّى فيها إلى المقصود. مثال ذلك: أنَّ الشواهد أوصلته (٥) إلى الصِّفات بإرسالها عليها، فانتقل من مشاهدتها إلى مشاهدة الصِّفات. والوسائطُ التي كان يراها آيةً على المدارج انتقل منها إلى


(١) معطوف على «وحقيقة الأمر: أن يعلمَ ... ».
(٢) ت: «يهدي بها عبادَه».
(٣) ر: «أوصل».
(٤) ت، ر: «تترتَّب».
(٥) ر: «أرسلته»، خطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>