للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المغرورين بمعارفهم وأحوالهم وإشاراتهم!

وإن رأيت أنّ أضعافَ أضعافِ ما قمتَ به من صدقٍ وإخلاصٍ وإنابةٍ وتوكُّلٍ وزهدٍ وعبادةٍ لا يفي بأيسَرِ حقٍّ له عليك، ولا يكافئ نعمةً من نِعَمه عندك، وأنّ ما يستحقُّه لجلاله أعظمُ وأجلُّ وأكثَرُ ممّا يقوم به الخلق= فاعلم الآن أنَّ التوبةَ نهايةُ كلِّ عارفٍ وغايةُ كلِّ سالكٍ، وكما أنّها بدايةٌ فهي نهايةٌ، والحاجةُ إليها في النِّهاية أشدُّ من الحاجة إليها في البداية، بل هي (١) في النِّهاية في محلِّ الضَّرورة.

فاسمع الآن ما خاطب الله به رسولَه في آخر الأمر وعند النِّهاية، وكيف كان (٢) رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في آخر حياته أشدَّ ما كان استغفارًا وأكثرَه:

قال الله تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: ١١٧]. وهذا أنزله (٣) الله سبحانه بعد غزوة تبوك، وهي آخر الغزوات التي غزاها رسول الله (٤) - صلى الله عليه وسلم - بنفسه؛ فجعل الله سبحانه التَّوبةَ عليهم شُكرانًا لما تقدَّم من تلك الأعمال وذلك الجهاد.

وقال تعالى في آخر ما أنزل على رسوله: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ


(١) «هي» ساقط من ت.
(٢) ش، د: «فإن»، تحريف.
(٣) ش، د: «أنزل».
(٤) «رسول الله» من ش، د.

<<  <  ج: ص:  >  >>