للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أسمائه «الشّهيد» الذي لا يغيب عنه شيءٌ، ولا يعزُب عنه، بل هو مطّلعٌ على كلِّ شيءٍ، مشاهدٌ له، عليمٌ بتفاصيله. وهذا استدلالٌ بأسمائه وصفاته، والأوّلُ استدلالٌ بقوله وكلماته (١)، والاستدلالُ بالآيات الأفقيّة والنّفسيّة استدلالٌ بأفعاله ومخلوقاته.

فإن قلتَ: قد فهمتُ الاستدلالَ بكلماته والاستدلالَ بمخلوقاته، فبيِّن لي كيفيَّة (٢) الاستدلال بأسمائه وصفاته، فإنّ ذلك أمرٌ لا عهد لنا به في تخاطبنا ولا في كتبنا.

قلتُ: أجل! وهو لَعَمْرُ الله كما ذكرتَ، وشأنُه أجلُّ وأعلى، فإنَّ الرَّبَّ تعالى هو المدلول عليه، وآياته هي الدّليل والبرهان.

فاعلم أنَّ الله سبحانه في الحقيقة هو الدّالُّ على نفسه بآياته، فهو الدَّليلُ لعباده في الحقيقة بما نصبَه لهم من الدَّلالات والآيات. وقد أودع في الفِطَر التي لم تتنجَّس بالتّعطيل والجحود أنّه (٣) سبحانه الكاملُ في أسمائه وصفاته، وأنّه الموصوفُ بكلِّ كمالٍ، المنزَّهُ عن كلِّ عيبٍ ونقصٍ. فالكمالُ كلُّه والجلالُ والجمالُ والبهاءُ والعزُّ والعظمةُ والكبرياءُ= كلُّه من لوازم ذاته، يستحيلُ أن يكون على غير ذلك. فالحياةُ كلُّها له، والعلمُ كلُّه له (٤)، والقدرةُ كلُّها له. والسَّمعُ والبصرُ والإرادةُ والمشيئةُ والرَّحمةُ والغنى والجودُ


(١) ش، د: «بكلماته»، سقط منهما «بقوله و» فزاد بعضهم باء قبل «كلماته».
(٢) ش، د: «كيف».
(٣) ت: «أن الله».
(٤) «والعلم كله له» ساقط من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>