للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإحسانُ والبِرُّ= كلُّه خاصٌّ له (١) قائمٌ به، وما خفي عن الخلق من كماله أعظَمُ وأعظَمُ ممّا عرفوه منه، بل لا نسبةَ لما عرفوه من ذلك إلى ما لم يعرفوه!

ومن كماله المقدَّس: اطِّلاعُه على كلِّ شيءٍ، وشهادتُه عليه، بحيث لا يغيب عنه وجهٌ من وجوه تفاصيله، ولا ذرّةٌ من ذرّاته باطنًا وظاهرًا. ومَن هذا شأنه، كيف يليق بالعباد أن يشركوا به، وأن يعبدوا معه غيره ويجعلوا معه إلهًا آخر؟ وكيف يليق بكماله أن يُقِرَّ من يكذبُ عليه أعظمَ الكذب ويخبرُ عنه بخلاف ما الأمر عليه، ثمّ ينصرَه على ذلك ويؤيِّدَه، ويُعليَ كلمته، ويرفعَ شأنه، ويجيبَ دعوته، ويُهلك عدوَّه، ويُظهر على يديه من الآيات والبراهين والأدلّة ما يعجز عن مثله قوى البشر، وهو مع ذلك كاذبٌ عليه مفترٍ، ساعٍ في الأرض بالفساد؟

ومعلومٌ أنَّ شهادتَه سبحانه على كلِّ شيءٍ، وقدرتَه على كلِّ شيءٍ، وحكمتَه وعزَّتَه وكمالَه المقدَّس= يأبى ذلك (٢) كلَّ الإباء. ومن ظنّ ذلك به وجوَّزه عليه؛ فهو من أبعد الخلق عن معرفته، وإن عرَفَ منه بعضَ صفاته كصفة القدرة وصفة المشيئة.

والقرآن مملوءٌ من هذه الطّريق، وهي طريقُ الخاصَّة، بل خاصَّةِ الخاصَّة الّذين يستدلُّون بالله على أفعاله، وما يليق به أن يفعله وما لا يفعله.


(١) ت: «به».
(٢) ت: «من ذلك».

<<  <  ج: ص:  >  >>