للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويستدلُّ سبحانه بأسمائه وصفاته على بطلان ما نُسِب إليه من الأحكام والشَّرائع الباطلة، وأنَّ كماله المقدَّس يمنع من شرعها، كقوله: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} (١) [الأعراف: ٢٨]، وقوله عقيبَ ما نهى عنه وحرَّمَه من الشِّرك والظُّلم والفواحش والقولِ عليه بلا علمٍ: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [الإسراء: ٣٨]، فأعلَمَك أنَّ ما كان سيِّئة في نفسه فهو يكرهه، وكمالُه يأبى أن يجعله شرعًا له ودينًا. فهو سبحانه يدلُّ عباده بأسمائه وصفاته على ما يفعله ويأمر به (٢)، ويحبُّه ويبغضه، ويثيب عليه ويعاقب عليه؛ ولكنَّ هذه الطَّريقَ لا يصل إليها إلّا خاصَّةُ الخاصَّة، فلذلك كانت طريقُ الجمهور الدِّلالةَ (٣) بالآيات المشاهدة، فإنّها أوسع وأسهل تناولًا، والله سبحانه يفضِّل بعضَ خلقه على بعضٍ، ويرفع درجاتٍ من يشاء، وهو العليم الحكيم.

فالقرآنُ العظيمُ (٤) قد اجتمع فيه ما لم يجتمع في غيره، فإنّه هو الدَّعوةُ والحجَّةُ، وهو الدَّليلُ والمدلولُ عليه، وهو الشَّاهدُ والمشهودُ له، وهو الحَكَم والدَّليلُ، وهو الدَّعوى والبيِّنة. قال الله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ} [هود: ١٧] أي من ربِّه، وهو القرآن.

وقال تعالى لمن طلب آيةً تدلُّ على صدق رسوله: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا


(١) الجملة الأخيرة من الآية «أتقولون» إلخ لم ترد في ش، د.
(٢) ت: «وما يرضى به».
(٣) ش، د: «والدلالة»، ثم ضرب على الواو في ش. وفي ت: «الدالة».
(٤) لم ترد كلمة «العظيم» في ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>