للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأنفعُ الدُّعاء طلبُ العون على مرضاته، وأفضلُ المواهب إسعافُه بهذا المطلوب. وجميع الأدعية المأثورة مدارها على هذا، وعلى دفع ما يضادُّه، وعلى تكميله وتيسير أسبابه، فتأمّلها.

وقال شيخ الإسلام ابن تيميّة - رضي الله عنه -: تأمّلتُ أنفعَ الدُّعاء، فإذا هو سؤالُ الله العَون (١) على مرضاته. ثمّ رأيته في الفاتحة في {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}.

ويقابل هؤلاء القسم الثّاني، وهم المعرضون عن عبادته والاستعانة به، فلا عبادة ولا استعانة. بل إن سأله أحدهم واستعان به فعلى حظوظه وشهواته، لا على مرضاة ربِّه وحقوقه. فإنّه سبحانه يسأله من في السّماوات والأرض، يسأله أولياؤه وأعداؤه ويُمِدُّ هؤلاء وهؤلاء. وأبغضُ خلقِه إليه (٢) عدوُّه إبليس لعنه الله، ومع هذا فسأله حاجةً فأعطاه إيّاها ومتَّعه بها. ولكن لمّا لم يكن عونًا له على مرضاته كانت زيادةً في شقاوته وبعده من الله تعالى وطرده عنه. وهكذا كلُّ من استعان به على أمرٍ أو سأله (٣) إيّاه، ولم يكن عونًا على طاعته، كان مُبعدًا له عن مرضاته قاطعًا له عنه ولا بدّ.

فليتأمَّل العاقل هذا في نفسه وفي غيره، وليعلم أنّ إجابة الله لسائليه ليست


(١) ع: "سؤال العون".
(٢) "إليه" ساقط من ع.
(٣) ش، ع: "وسأله".

<<  <  ج: ص:  >  >>