للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سببٌ لإصابتهم بالمصيبة (١)،

ولكن لم يفعل سبحانه ذلك قبل إرسال الرَّسول الذي يقيم به حجَّتَه عليهم، كما قال تعالى: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: ١٦٥]، وقال تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٥٥) أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ (١٥٦) أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ} [الأنعام: ١٥٥ - ١٥٧]، وقوله: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (٥٦) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٥٧) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٥٨) بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ} [الزمر: ٥٦ - ٥٩] (٢) وهذا كثيرٌ في القرآن، يخبر أنَّ الحجّةَ قامت عليهم بكتابه ورسوله، كما ينبِّههم بما في عقولهم وفِطَرهم من حسن التَّوحيد والشُّكر، وقبح الشِّرك والكفر.

وقد ذكرنا هذه المسألة مستوفاةً في كتاب «المفتاح» (٣) وذكرنا هنالك (٤) نحوًا من ستِّين وجهًا تُبطل قولَ من نفى القبحَ العقليَّ وزعَم أنّه ليس في الأفعال ما يقتضي حسنها وقبحها، وأنّه يجوز أن يأمر الله بعين ما نهى عنه، وينهى عن عين ما أمر به، وأنّ ذلك جائزٌ عليه، وإنّما فرَّق بين المأمور والمنهيِّ بمجرَّد الأمر والنّهي، لا بحسن هذا وقبح هذا، وأنّه لو نهى عن


(١) «بالمصيبة» ساقط من ش، د ..
(٢) في ش، د في موضع الآية ٥٨: «إلى قوله».
(٣) (٢/ ١٠١٧ - ١١٧٢) وقد أحال عليه من قبل (١/ ١٤٠) في هذه المسألة.
(٤) «هنالك» ساقط من ش، د.

<<  <  ج: ص:  >  >>