للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كونها وسائل، فباطلٌ مخالفٌ للشَّرع والعقل. وأمّا عدمُ شهودها وسائل، مع اعتقاد (١) كونها وسائل (٢)، فليس بكمالٍ. وشهودُها وسائل ــ كما جعلها الله سبحانه ــ أكمَلُ مشهدًا، وأصحُّ (٣) طريقًا، وبالله التّوفيق.

وقد بيّنَّا ــ فيما تقدَّم ــ أنّ الكمال: أنَّ تشهد العبوديّةَ وقيامَك بها، وتشهد أنّها من عين المنّة (٤) والفضل، وتشهد المعبودَ؛ فلا تغِبْ بشهوده عن شهود أمره، ولا تغِبْ بشهود أمره عن شهوده، ولا تَغِبْ بشهوده وشهود أمره عن شهود فضله ومنّته وتوفيقه، وشهود فقرك وفاقتك وأنّك به لا بك.

وقد خرج النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يومًا على حلقةٍ من أصحابه، وهم يتذاكرون، فقال: «ما أجلسكم؟». قالوا: جلسنا نذكر (٥) ما منَّ الله به علينا وهدانا بك إلى الإسلام. فقال: «آللهِ، ما أجلَسَكم إلّا ذلك؟» قالوا: آللهِ ما أجلَسَنا إلّا ذلك. فقال: «أمَا إنِّي لم أستحلفكم تهمةً لكم، ولكنَّ الله يباهي بكم الملائكة» (٦). ولم يقل لهم: لا تشهدوا في التّوحيد دليلًا، ولا في النّجاة وسيلةً؛ بل كان من أسباب مباهاة الله بهم ملائكته: شهودُهم سببَ التّوحيد، ووسيلةَ النّجاة، وأنّها من منِّ الله عليهم وفضله، كما قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ


(١) ت: «اعتبار».
(٢) بعدها في ش، د زيادة: «للشرع».
(٣) ش، د: «أوضح».
(٤) ت: «المشيئة»، تصحيف.
(٥) ت: «نتذاكر».
(٦) تقدَّم تخريجه (ص ٢١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>